للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَانَ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ) لِمَا بَيَّنَّا (وَلَا بَأْسَ إذَا لَمْ تَجِدْ مِنْهُ بُدًّا) صِيَانَةً لِلْوَلَدِ. أَلَا تَرَى أَنَّ لَهَا أَنْ تُفْطِرَ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا (وَمَضْغُ الْعَلْكِ لَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ) لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ. وَقِيلَ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَئِمًا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ بَعْضُ أَجْزَائِهِ. وَقِيلَ: إذَا كَانَ أَسْوَدَ يَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ مُلْتَئِمًا لِأَنَّهُ يَفُتْ (إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ الصَّوْمِ لِلْفَسَادِ، وَلِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِالْإِفْطَارِ وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ صَائِمَةً لِقِيَامِهِ مَقَامَ السِّوَاكِ فِي حَقِّهِنَّ، وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ عَلَى مَا قِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ غَلَّةٍ، وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ: بِالنِّسَاءِ.

(وَلَا بَأْسَ بِالْكُحْلِ وَدَهْنِ الشَّارِبِ) لِأَنَّهُ نَوْعُ

بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِفْطَارٍ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَصِيرَ إيَّاهُ. وَقِيلَ: لَا بَأْسَ فِي الْفَرْضِ لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا سَيِّئَ الْخُلُقِ أَنْ تَذُوقَ الْمَرَقَةَ بِلِسَانِهَا.

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَمْضُغْ لَهُ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَلَمْ تَجِدْ طَعَامًا لَا يَحْتَاجُ إلَى مَضْغِهِ لَا يُكْرَهُ لَهَا (قَوْلُهُ: لِمَا بَيَّنَّا) مِنْ أَنَّهُ تَعْرِيضٌ لِلصَّوْمِ عَلَى الْفَسَادِ إذْ قَدْ يَسْبِقُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى الْحَلْقِ، فَإِنَّ مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ. وَفِي الْفَتَاوَى: يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَذُوقَ بِلِسَانِهِ الْعَسَلَ أَوْ الدُّهْنَ لِيَعْرِفَ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِيءِ عِنْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَئِمًا) بِأَنْ لَمْ يَمْضُغْهُ أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ أَبْيَضَ. وَكَذَا إذَا كَانَ أَسْوَدَ وَإِنْ مَضَغَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَتَفَتَّتُ وَإِنْ مُضِغَ وَالْأَبْيَضُ يَتَفَتَّتُ قَبْلَ الْمَضْغِ فَيَصِلُ إلَى الْجَوْفِ. وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ عَدَمَ الْفَسَادِ مَعَ مَحْمُولٍ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِعَدَمِ الْوُصُولِ. فَإِذَا فَرَضَ فِي بَعْضِ الْعِلْكِ مَعْرِفَةَ الْوُصُولِ مِنْهُ عَادَةً وَجَبَ الْحُكْمُ فِيهِ بِالْفَسَادِ لِأَنَّهُ كَالْمُتَيَقِّنِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِلتَّعْرِيضِ عَلَى الْفَسَادِ. وَتُهْمَةِ الْإِفْطَارِ. وَعَنْهُ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقِفَنَّ مَوَاقِفَ التُّهَمِ».

وَقَالَ عَلِيٌّ : إيَّاكَ وَمَا يَسْبِقُ إلَى الْقُلُوبِ إنْكَارُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَك اعْتِذَارُهُ (قَوْلُهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ السِّوَاكِ فِي حَقِّهِنَّ) فَإِنَّ بِنْيَتَهُنَّ ضَعِيفَةٌ قَدْ لَا تَحْتَمِلُ السِّوَاكَ، فَيَخْشَى عَلَى اللِّثَةِ وَالسِّنِّ مِنْهُ. وَهَذَا قَائِمٌ مَقَامَهُ فَيَفْعَلَنهُ (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَحَبُّ) أَيْ وَلَا يُكْرَهُ فَهُوَ مُبَاحٌ بِخِلَافِ النِّسَاءِ. فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ؛ لِأَنَّهُ سِوَاكُهُنَّ. وَقَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ مِنْ النِّسَاءِ إنَّمَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ الْكَرَاهَةُ، وَلِذَا وُضِعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَيَكُونُ قَدْ تَرَكَ تَعْلِيلَ الثَّانِي، وَالْأَوْلَى الْكَرَاهَةُ لِلرِّجَالِ إلَّا لِحَاجَةٍ لِأَنَّ الدَّلِيلَ أَعْنِي التَّشْبِيهَ يَقْتَضِيهَا فِي حَقِّهِمْ خَالِيًا عَنْ الْمُعَارِضِ.

(قَوْلُهُ: وَدَهْنُ الشَّارِبِ) بِفَتْحِ الدَّالِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ وَبِضَمِّهَا عَلَى إقَامَةِ اسْمِ الْعَيْنِ مَقَامَ الْمَصْدَرِ، وَفِي الْأَمْثِلَةِ: عَجِبْت مِنْ دُهْنِك

<<  <  ج: ص:  >  >>