للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَجِبُ، وَكَذَا عَنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا اشْتِبَاهَ فَلَا شُبْهَةَ. وَجْهُ الْأَوَّلِ قِيَامُ الشُّبْهَةِ الْحُكْمِيَّةِ بِالنَّظَرِ إلَى الْقِيَاسِ فَلَا يَنْتَفِي بِالْعِلْمِ كَوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ.

(وَلَوْ احْتَجَمَ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفْطِرُهُ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ) لِأَنَّ الظَّنَّ مَا اسْتَنَدَ إلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ

أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْلَا النَّصُّ لَقُلْت يُفْطِرُ. وَصَارَ كَوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ لَا يُحَدُّ وَإِنْ عَلِمَ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ نَظَرًا إلَى قِيَامِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ الثَّابِتَةِ بِقَوْلِهِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ بِثُبُوتِ هَذَا الدَّلِيلِ، وَإِنْ قَامَ الدَّلِيلُ الرَّاجِحُ عَلَى تَبَايُنِ الْمِلْكَيْنِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّنَّ مَا اسْتَنَدَ إلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ) يَعْنِي: فِيمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْفِطْرِ مِمَّا خَرَجَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَمْدًا فَإِنَّهُ كَالْأَوَّلِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

فَإِنَّ الْقَيْءَ يُوجِبُ غَالِبًا عَوْدَ شَيْءٍ إلَى الْحَلْقِ لِتَرَدُّدِهِ فِيهِ فَيَسْتَنِدُ ظَنُّ الْفِطْرِ إلَى دَلِيلٍ، أَمَّا الْحِجَامَةُ فَلَا تَطَرُّقَ فِيهَا إلَى الدُّخُولِ بَعْدَ الْخُرُوجِ فَيَكُونُ تَعَمُّدُ أَكْلِهِ بَعْدَهُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ إلَّا إذَا أَفْتَاهُ مُفْتٍ بِالْفَسَادِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ، وَبَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَأَكَلَ بَعْدَهُ لَا كَفَّارَةَ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ فَتْوَى مُفْتِيهِ.

(وَإِنْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ وَاعْتَمَدَهُ) عَلَى ظَاهِرِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَأْوِيلِهِ وَهُوَ عَامِّيٌّ (فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) أَيْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْمُفْتِي يُورِثُ الشُّبْهَةَ الْمُسْقِطَةَ، فَقَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>