{وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}(١) وكذلك تكون مخصصة لآية المنخنقة، ويكون حكم الآيتين خاصا بفعل المسلمين والإباحة في طعام أهل الكتاب إذ لا فرق بين ما أهل لغير الله وما خنق، فإذا أبيح الأول فيما يفعله أهل الكتاب كذلك الثاني، وقد كنت رأيت رسالة لأحد أفاضل المالكية نص فيها على الحل وجلب النصوص من مذاهبه بما يثلج به الصدر السليم إذا كان عمل الخنق عندهم من قبيل الذكاة كما أخبر كثير من علمائهم، وأن المقصود التوصيل إلى قتل الحيوان بأسهل قتلة للتوصل إلى أكله بدون فرق بين طاهر ونجس، مستندين في ذلك لقول الإنجيل، على زعمهم، فلا مرية في الحلية على هاته المذاهب، فإن قلت: كيف يسوغ تقليد الحنفي لغير مذهبه؟
قلت: أما إن كان المقلد من أهل النظر وقلد الحنفي عن ترجيح برهان، فهذا ربما يقال: إنه لا يسوغ له ذلك - أي: إلا أن يظهر له ترجيح دليل الحل ثانيا - وأما إن كان من أهل التقليد البحت - كما هو في أهل زماننا - فقد نصوا على أن جميع الأئمة بالنسبة إليه سواء، والعامي لا مذهب له، إنما مذهبه مذهب مفتيه، وقوله: أنا حنفي أو مالكي، كقول الجاهل: أنا نحوي، لا يحصل منه سوى مجرد الاسم، فبأي العلماء اقتدى فهو ناج على أن الكلام وراء ذلك، فقد نصوا على الجواز والوقوع بالفعل في تقليد المجتهد لغيره، والكلام مبسوط في ذلك في كثير من كتب الفقه، وقد حرر البحث أبو السعود في [شرح الأربعين حديثا النووية] وألف في ذلك رسالة عبد الرحيم المكي، فليراجعهما من أراد الوقوف على التفصيل.
فإن قيل: قد ذكرت أن الخنزير محرم وهو من طعامهم، فلماذا لا يجعل مخصصا بالحلية بهذه الآية - أي: آية طعامهم - وإذا جعلت آية تحريمه