للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يذكر اسم الله ولا اسم غيره ففي حل ذبيحته خلاف، فمن أحلها استدل بعموم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (١) ومن حرمها استدل بعموم أدلة وجوب التسمية على الذبيحة والصيد والنهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه في قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (٢) الآية، وهذا هو الظاهر، وإن ذكر الكتابي اسم غير الله عليها كأن يقول: باسم العزير أو باسم المسيح أو الصليب لم يحل الأكل منها؛ لدخولها في عموم قوله تعالى في آية ما حرم من الطعام {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٣) إذ هي مخصصة لعموم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٤)

وإن كان الذابح مجوسيا لم تؤكل، سواء ذكر اسم الله عليها أم لا بلا خلاف فيما نعلم، إلا ما نقل عن أبي ثور من إباحته صيده وذبيحته؛ لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب (٥) » ولأنهم يقرون على دينهم بالجزية، كأهل الكتاب، فيباح صيدهم وذبائحهم، وقد أنكر عليه العلماء ذلك واعتبروه خلافا لإجماع من سبقه من السلف، قال ابن قدامة في [المغني] : قال إبراهيم الحربي: خرق أبو ثور الإجماع، قال أحمد: هاهنا قوم لا يرون بذبائح المجوس بأسا ما أعجب هذا يعرف بأبي ثور، وممن رويت عنه كراهية ذبائحهم: ابن مسعود وابن عباس وعلي وجابر وأبو برزة وسعيد بن المسيب وعكرمة والحسن بن محمد وعطاء ومجاهد وعبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن جبير ومرة الهمذاني ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، قال أحمد: ولا أعلم أحدا قال بخلافه، إلا أن يكون صاحب بدعة، ولأن الله تعالى قال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٦) فمفهومه تحريم طعام غيرهم من الكفار، ولأنهم لا


(١) سورة المائدة الآية ٥
(٢) سورة الأنعام الآية ١٢١
(٣) سورة المائدة الآية ٣
(٤) سورة المائدة الآية ٥
(٥) موطأ مالك الزكاة (٦١٧) .
(٦) سورة المائدة الآية ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>