للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطأ والاضطراب، وعلى ذلك يكون إخبار عدد منهم يبلغ مبلغ التواتر لا يفيد القطع واليقين بصحة ما أخبروا به؛ لأن من شرط إفادة المتواتر للقطع انتهاءه إلى الحس، وهؤلاء يستندون في خبرهم إلى تقدير سير الكواكب وحسابه، وهو عقلي لا يؤمن وقوع الغلط فيه، كما وقع في أخبار الفلاسفة بقدم العالم. ثم إعراض الشارع عنه دليل على إلغائه وعدم صلاحيته، وأنه لا يفيد ظنا غالبا، بل ينتهي بهم إلى خرص وتخمين في حسابهم وأحكامهم.

وإليكم جملة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في (رسالة الهلال) (١) .

قال رحمه الله بعد بيان رأي من يعتمد في معرفة أول رمضان على معرفة رابع رجب في السنة أو معرفة خامس رمضان في العام السابق، أو يعتمد على جدول حسابي يصنعه لنفسه أو يصنعه غيره:

(وأما الفريق الثاني فقوم من فقهاء البصريين ذهبوا إلى أن قوله: «فاقدروا له (٢) » تقدير حساب بمنازل القمر، وقد روي عن محمد بن سيرين قال: خرجت في اليوم الذي شك فيه، فلم أدخل على أحد يؤخذ منه العلم إلا وجدته يأكل، إلا رجلا كان يحسب ويأخذ الحساب، ولو لم يعلمه كان خيرا له، وقد قيل: إن الرجل: مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهو رجل جليل القدر، إلا أن هذا إن صح عنه فهي من زلات العلماء.

وقد حكي هذا القول عن أبي العباس ابن سريج أيضا. وحكاه بعض المالكية عن الشافعي: أن من كان مذهبه الاستدلال بالنجوم ومنازل القمر


(١) [مجموع الفتاوى] (٢٥\١٨١-١٨٦) .
(٢) صحيح البخاري الصوم (١٩٠٠) ، صحيح مسلم الصيام (١٠٨٠) ، سنن النسائي الصيام (٢١٢١) ، سنن أبو داود الصوم (٢٣٢٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٥) ، موطأ مالك الصيام (٦٣٤) ، سنن الدارمي الصوم (١٦٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>