وإيضاح غامضها، وحل مشكلها من جهة تحقيق الحكم فيها، ومن جهة توضيح تطبيقها بأمثلة، وخاصة القضايا التي جدت في عصرنا، وليس هذا لإلزام القضاة بما انتهى إليه البحث، بل ليكون عونا لهم في القيام بمهمتهم إن اقتنعوا به، وليكون نموذجا لهم في دراسة القضايا وحل مشكلها، والدقة في تطبيقها، وبهذا تضيق شقة الخلاف، وتتحقق الدقة في الأحكام إن شاء الله، أما ارتفاع أصل الخلاف فلا سبيل إليه، ولو توحد المرجع العلمي للقضاة باختيار الأقوال الراجحة؛ لما تقدم بيانه من اختلاف الناس في المدارك والأفهام، واختلاف أحوال القضايا وما يحيط بها من قرائن وأمارات، فبذلك تختلف أفهامهم للمادة العلمية، ويختلف تطبيقهم لما فهموه على ما رفع إليهم من الخصومات.
من هذا يتبين أنه قد لا يكون هناك حل آخر لهذه المشكلة سوى الإلزام.
٧ - مدى تصرف المسلمين في مجال الإلزام مع أمثلة توضح ذلك:
تمهيد:
لما كان لولي المسلمين العام حق التصرف في أمور كثيرة من شئون الأمة بمقتضى الإمامة الكبرى، والخلافة العامة؛ رعاية لمصلحة الأمة، وحفظا لكيان الدولة، وجب بيانها ليتبين ما إذا كان منها إلزام القضاة والمفتين أن يحكموا، أو أن يفتوا بمذهب معين أو قول معين، من أقوال فقهاء الإسلام أولا.
وحيث إن فقهاء الإسلام قد بحثوا هذه الحقوق وبينوا ما يختص منها بولي الأمر العام، وما لا يختص به- كان من الضروري ذكر ما قالوه في هذا الأمر؛ ليعرف مصدره من الشريعة، والسر في تخصيص ولاة الأمور