ليس في نفس اللفظ منه بيان من يركب ويحلب من الراهن والمرتهن والعدل الموضوع على يده الرهن، فصرفه إلى الراهن يحتاج إلى دليل.
وأجيب عن ذلك: بأنه ورد ما يدل على أن المقصود به: الراهن، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه (١) » رواه الإمام الشافعي في [الأم] مرسلا ثم وصله عن الثقة عن يحيى بن أبي أنيسة عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة، وقال الحافظ ابن حجر في [البلوغ] : رواه الدارقطني والحاكم ورجاله ثقات، إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله.
وأما المعنى: فقياسه على البيع والهبة، فكما يكون البيع مضمونا من البائع، فإذا قبضه المشتري مرة صار في ضمانه، فإن رده إلى البائع بإجارة أو وديعة فهو من مال المبتاع ولا ينفسخ ضمانه بما ذكر، فكذلك الرهن، وكما تكون الهبات وما في معناها غير تامة فإذا قبضها الموهوب له مرة ثم أعارها إلى الواهب أو أكراها منه أو من غيره لم يخرجها عن الهبة.
وقد يناقش قياسه على البيع: بأنه قياس مع الفارق فإن عقد البيع المستوفي للأمور المشروعة لتحقيقه وانتفاء موانعه ينفك الملك من البائع إلى المشتري نقلا مطلقا، فتكون ذمة البائع مفرغة من تملك هذا البيع وتكون ذمة المشتري مشغولة بتملكه، فإذا أعاده إلى البائع أو غيره بعارية أو إجارة ونحو ذلك فهذه الإعارة عقد جديد لا صلة له بالعقد الأول، وهذا بخلاف الرهن، فإن ملكية الراهن لم تزل عنه، وإنما انتقل إلى المرتهن على جهة الرقابة؛ لأجل حفظ حقه، فإذا رجع إليه اختيارا من المرتهن فقد رجع إلى من يملكه.
(١) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٤١) ، موطأ مالك كتاب الأقضية (١٤٣٧) .