للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متطوع بها ولا ينتفع من الرهن بشيء، وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه (١) » ، ولأنه ملك غيره لم يأذن له في الانتفاع به ولا الإنفاق عليه فلم يكن له ذلك كغير الرهن.

ولنا: ما روى البخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة (٢) » فجعل منفعته بنفقته، وهذا محل النزاع، فإن قيل: المراد به: أن الراهن ينفق وينتفع قلنا: لا يصح؛ لوجهين: أحدهما: أنه قد روي في بعض الألفاظ «إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها ولبن الدر يشرب وعلى الذي يشرب ويركب النفقة (٣) » فجعل المنفق المرتهن فيكون هو المنتفع. والثاني: أن قوله (بنفقته) يشير إلى أن الانتفاع عوض النفقة، وإنما ذلك حق المرتهن، أما الراهن فإنفاقه وانتفاعه لا بطريق المعاوضة لأحدهما بالآخر، ولأن نفقة الحيوان واجبة وللمرتهن فيه حق وقد أمكنه استيفاء حقه من نماء الرهن والنيابة عن المالك فيما وجب عليه، واستيفاء ذلك من منافعه، فجاز ذلك كما يجوز للمرأة أخذ مؤنتها من مال زوجها عند امتناعه بغير إذنه والنيابة عنه في الإنفاق عليها والحديث نقول به، والنماء للراهن، ولكن للمرتهن ولاية صرفها إلى نفقته؛ لثبوت يده عليه وولايته، وهذا فيمن أنفق محتسبا بالرجوع، فأما إن أنفق متبرعا بغير نية الرجوع لم ينتفع به رواية واحدة.

فصل: وأما غير المحلوب والمركوب فيتنوع إلى نوعين: حيوان


(١) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٤١) ، موطأ مالك كتاب الأقضية (١٤٣٧) .
(٢) صحيح البخاري الرهن (٢٥١٢) ، سنن الترمذي البيوع (١٢٥٤) ، سنن أبو داود البيوع (٣٥٢٦) ، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٤٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٧٢) .
(٣) صحيح البخاري الرهن (٢٥١٢) ، سنن الترمذي البيوع (١٢٥٤) ، سنن أبو داود البيوع (٣٥٢٦) ، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٤٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>