للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن جرير] وغيره من كتب التفسير المأثور، ومنه قول ابن زيد (زيد أحد علماء الصحابة الأعلام وابنه من رواة التفسير المأثور) : إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السن: يكون للرجل على الرجل فضل دين فيأتيه إذا حل الأجل فيقول: تقضيني أو تزيدني، فإذا كان عنده شيء يقضيه قضى، وإلا حوله إلى السن التي فوق ذلك، إن كانت ابنة مخاض (أي: في السنة الثانية) يجعلها ابنة لبون (أي: في السنة الثالثة) ثم حقة (أي: ابنة السنة الرابعة) ثم جذعة (في الخامسة) ثم رباعيا (وهو ما ألقى رباعيته ويكون في السنة السادسة) ثم هكذا إلى فوق، وفي العين (أي: الذهب والفضة) يأتيه، فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل، فإن لم يكن عنده أضعفه أيضا فتكون مائة فيجعلها إلى قابل مائتين، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمائة، يضعفها له كل سنة أو يقضيه، اهـ من تفسير آية آل عمران. وضرر هذا عظيم، وهو قسوة تحرمها الآن جميع القوانين، ثم أوجب القرآن على التائب منه أخذ رأس المال فقط.

وذكر ابن حجر المكي في [الزواجر] : أن ربا الجاهلية كان الإنساء فيه بالشهور، وهو الذي يسمى في عرف المحدثين بربا النسيئة، وفيه ورد حديث «لا ربا إلا في النسيئة (١) » رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أسامة بن زيد مرفوعا، ورواه مسلم عن ابن عباس عنه بلفظ: «إنما الربا في النسيئة (٢) » ، وما صح من النهي عن ربا الفضل في الحديث فلسد الذريعة، كما نص عليه المحققون.

وإننا قد فصلنا القول في مسألة الربا في التفسير وغيره من قبل، فلا نعود إليها هنا، وإنما غرضنا بيان أن تلك الفتوى ليس فيها خطر على التوحيد ولا


(١) صحيح البخاري البيوع (٢١٧٩) ، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٧) .
(٢) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٦) ، سنن النسائي كتاب البيوع (٤٥٨١) ، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>