فهذا الكتاب يحاول مواجهة هذا الازدواج بالنسبة إلى المجتمع العربي، والمؤلف قد تناوله في نطاق هذه المحاضرات التي يتصل بعضها بكيان المجتمع العربي في حدوده التاريخية الخاصة، وبعضها الآخر يتصل بارتباطه بالعالم الإسلامي والمفاهيم الإسلامية، وبارتباطه بالبلاد التي ربطه بها الطوق الإستعماري في القرن التاسع عشر، أي الشعوب التي تعيش على محور طنجة- جاكرتا.
فالمؤلف خصص هذه المحاضرات لهذه الجوانب المختلفة، التي يرتبط بها كيان المجتمع الذي نعيش فيه، وامتداد كيانه في عالم الآخرين.
فالمحاضرة الأولى تواجه عقدة نفسية، قد أشرنا إليها في دراسة أخرى (١)، وهي في وجه من الوجوه صعوبة تعترض، في المجال النفسي، حركة النمو أو النهضة في مجتمعنا. ومن وجه آخر، هي في المجال الاجتماعي، علأمة هذا النمو وهذه الحركة.
فالمحاضرة الأولى تناولت الموضوع من هذا الوجه، فهي محاولة لتوضيح الصعوبات التي يعانيها مجتمعنا اليوم في مواجهة ضرورات البناء الداخلي، وقد هدف فيها المؤلف إلى الإسهام في تخليص القارئ من مركب النقص، الذي يعتريه عندما يمنطق عن وعي الصعوبات التي تحيط بحياته الاجتماعية اليوم، إذ هو غالباً يعزو هذه الصعوبات إلى طبيعة المشكلات عوضاً عن أن يعزوها أولاً إلى نفسه من الناحية العقلية في إدراكه هذه المشكلات، ومن الناحية الأخلاقية في سلوكه إزاءها.
فإسهام المحاضرة يكون قد تحقق في تصفية العقدة التي نشير إليها، بقدر ما يتمكن القارئ من فهم الخطأ الذي نقع فيه، عندما نقدر الصعوبات والمسؤوليات في ضرورات البناء.
(١) (وجهة العالم الإسلامي) حيث بين المؤلف ما يعاني المجتمع الإسلامي من عقد، من بينها العقدة التي تدفعه إلى استسهال الصعب واستصعاب السهل.