اسمحوا لي أولاً أن أقدم شكري إلى جمعية مكارم الأخلاق التي أتاحت لي هذه الفرصة النادرة الثمينة، التي يجب علي أن أقدرها بثمنها. والإبن عمر مسقاوي قد أشعرني بقيمة هذه الفرصة النادرة في كلماته الأخيرة، ووصل بيني وبينكم أنا بوصفي متحدثا بسيطا، وأنتم بوصفكم مستمعين كراما تربطني بكم صلة المحبة وصلة الأخوة والزمالة في الطريق.
إنني لم آت لأحاضركم، فالمحاضرة تتطلب شروطا لم يوفرها لي لساني، ولكني سوف أتحدث معكم بكل بساطة، كما يتحدث الأخ إلى أخيه في موضوع، تمليه على كل مسلم ملابسات التي نراها في العالم، والتطورات التي تجري في العالم العربي، حيث نرى نهضة كبرى يرفع رايتها زعيم كريم هو الرئيس جمال عبد الناصر.
إنني أريد أن أدرس معكم بعض الملابسات العالمية، حتى نتجنب التناقض بين سلوكنا ونشاطنا أفراداً وجماعات وبين سير العالم. فإنني أرى العالم وكأنه يطوي الصفحة الأخيرة من العصر الذي سماه جيلنا نحن كبارا بالعصر الجديد. فإن هذا العصر قد أصبح قديماً وبدأ التاريخ اليوم يمحو معالمه.
ولقد كنا- نحن الذين عشنا بوادر هذا العصر منذ أربعين سنة- نرى من معالم هذا العالم الجديد انتشار ضوء الكهرباء مثلاً وشبكة الخطوط الحديدية، غير أننا اليوم بعد أربعين سنة أو أقل من ذلك، نرى أن هذا العالم قد بدأ يدخل في ظلام التاريخ، وبدأت الخطوط الحديدية التي كانت تمثل في أعيننا علأمة العصر الحديث، بدأت هذه المخترعات تبدو لنا شيئاً قديماً أودع ضمير الماضي.