فالقضية ليست منوطة بالناحية السياسية بقدر ما هي منوطة بالناحية النفسية، التي توجه هذا النشاط والطاقات الاجتماعية. فالحقيقة واحدة في المعسكرين على الرغم من التفسير السياسي الذي يختلف، إذ الأسباب والدوافع النفسية لا تختلف في المعسكرين، فالنتيجة الاجتماعية واحدة فيهما ما داما يكفلأن للفرد الضمانات الاجتماعية، إنما المنطق السياسي قد سيطر على العقول، حتى إن الناس يعطون لنتيجة اجتماعية واحدة تفسيرين، لأن كل حزب يفسر ذلك حسب نظرته السياسية.
إذن علينا نحن بالخروج من هذا المأزق، بإعادة النظر في القضية، قضية الطاقات الاجتماعية، فنتساءل عن مفهومها في حقيقة الواقع الاجتماعي.
إننا إذا حللناها إلى عناصرها الأولية البسيطة نجدها تنحصر في عناصر ثلاثة: اليد، القلب، العقل. لأن كل الطاقات الاجتماعية تنطلق منها، والعملية الاجتماعية نفسها لا تخرج عن هذه العناصر الثلاثة: فكل طاقة اجتماعية تصدر حتما من دوافع القلب ومن مسوغات وتوجيهات العقل ومن حركات الاعضاء، فكل نشاط اجتماعي مركب من هذه العناصر، والفاعلية تكون أقوى في الوسط الذي ينتج أقوى الدوافع وأقوم التوجيهات وأنشط الحركات.
بعد أن أوضحنا معنى الفاعلية يمكن أن ننتقل إلى مرحلة جديدة من البحث.
فعندما ننظر إلى اليد والقلب والعقل على أنها أساس الفعالية، يجب أن نحدد معنى هذا بالنسبة إلى مجتمعات متخلفة. وهنا يمكن لنا أن نقف على عنصر جديد وعلى مصطلح نتفق عليه، وهو أن نرد المسوغات والدوافع والأسباب القريبة والبعيدة، التي تدفع إلى خلق نشاط فعال إلى حالة خاصة هي التوتر. فالقلب والعقل واليد لا يؤدي كل منها إلى نتيجة واحدة في العمل، في كل