للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولو حللنا بعض المشروعات الإقتصادية التي نفذت أو في حيز التنفيذ في البلاد التي تمر بمرحلة البناء لأدركنا قيمة العامل الإنساني في هذه المشروعات، كما ندرك هذا من خلال السياسة الديمغرافية التي اتبعتها الصين الشعبية في السنوات الأخيرة، نرى هذا البلد يحدد النسل أولاً ثم يتراجع فوراً عن هذه الخطة، لأن القيادة أدركت، في ضوء معلومات جديدة، قيمة العامل الإنساني في البناء الإقتصادي، الذي قام بالدور الأساسي في التخطيطات السابقة وفي التخطيط الذي يجري الآن.

كما أنه بإمكاننا أن نستزيد من التوضيح بهذا الصدد لو عقدنا موازنة بين تجربتين: جرت الواحدة منهما ببلاد مصنعة، فقدت في ظروف معينة كل المقومات الإقتصادية المذكورة في العمود الثاني من جدولنا السابق، ثم استعادتها باستخدام المقومات الإنسانية الأساسية الموجودة في الثروة الطبيعية، التي هي في رصيد كل شعب، وجرت التجربة الأخرى في بلاد تقع في قارة التخلف، وشاء أن يتصنع بالطرق الفنية التي ينصح بها عالم في الإقتصاد كالدكتور شاخت.

فهذه الموازنة بين محاولة جرت بأندونيسيا، ومشروع في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، تجعلنا نتساءل: لماذا أخفق تحقيق الدكتور (شاخت) في إندونيسيا، مع أنه صادر من عالم إقتصاد أجدر من غيره لتقديم النصيحة في هذا الصدد. فقد نجح تماماً المشروع الألماني تحت إشراف الدكتور (أهرارد)، بعد الحرب العالمية الثانية، أي في السنوات نفسها، مع اختلاف الظروف الأخرى من وجوه عديدة اختلافاً يؤيد وجهة نظرنا:

١ - فألمانيا لم تفقد على أثر الحرب العالمية الثانية المقومات الإقتصادية الخاصة بدولة مصنعة فحسب، بل فقدت معها المقومات السياسية، أي سيادتها حتى لم يبق بيدها إلا الوسائل البدائية الطبيعية الموجودة في ثروة كل شعب.

٢ - ثم إن هذه الثروة الطبيعية ذاتها في ألمانيا التي تعد بلاداً ذات طبيعة

<<  <   >  >>