والعدة التي يستند عليها النظام الديمقراطي في المجتمع، فلا يمكن أن تتحقق الديمقراطية واقعاً سياسياً إن اتكن شروطها متوافرة في بناء الشخصية وفي العادات والتقاليد القائمة في البلد.
فهذه الاعتبارات تكوِّن العموميات التي تتحدد في نطاقها المشكلة بما تقتضيه
من الوضوح، فهي تدلط خاصة على أن الشعور بالديمقرا! ية مقيد بشروط معينة لا يتحقق بدونها، وهذه الشروط ليست من وضع الطبيعة ولا من مقتضيات النظام الطبيعي، على خلاف ما؟ فت تتصوره الفلسفة الرومنطيقية في عهد جان جاك روسو، بل هي خلاصة ثقافة معينة وتتويج لحركة الإنسانيات وتقدير جديد لقيمة الإنسان: تقديره لنفسه وتقديره للآخرين.
فالشعور الديمقراطي هو نتيجة لهذه الحركة عبر القرون، ولهذا التقدير الزدوج لقيمة الإنسان.
إن الؤرخ الفرنسي (جيزو) يمّيح لنا في كتابه (تاريخ أوربا من نهاية الإمبراطورية الرومانية إلى الثورة الفرنسية) تتبع هذه الحركة، أي التطور الذي أدى إلى ظهور الد يمقراطية في أوربا. ونمو الشعور الد يمقراطي في البلاد الاور بية.
فالؤرخ الكبير يبين أكانت أصول الديمقراطية الغربية بعيدة وبسيطة، وكيف تكون الشعور الديمقراطي ببطء، قبل أن يتفجر بالتالي في التصريح بحقوق الإنسان والواطن، ذلك التصر يح الذي يعبر عن التقو يم الجديد للإنسان، وعن التتو يج الاسطوري والسياسي للثورة الفرنسية.
فالشعور الديمقراطي الغربي، قد بدأ يعبر عن نفسه، وهو ايتخلص بعد
من الغموض اللازم لكل ما هو في حالة تخلق ونشوء، خلال الحركتين التاريخيتين الكبيرتين: حر! ة الإصلاح وحركة النهضة، بل إن هاتين الحركتين