لذا اهتم بن نبي بدراسة التاريخ يرقب سير الحضارات ويستخلص القواعد الثابتة والسنن التي لا تبديل لها. وقد أضاف بمؤلمفاته ومخاضراته إلى فكرنا آفاقاً صافية، لا يشوبها ضباب الثقافة الغربية ونماذجها المستوردة.
فالمؤلف بما أوسع لمحاضراته من تحليل، وبما أكثر من أمثال، قد شاء أن يحدد لتجارب الحضارة المعاصرة حجمها الطبيعي، نتيجة للعمل المشترك في مرحلة من مراحل تطور الإنسان.
فالاستاذ مالك يطرح القواعد الأساسية لفعالية الإرادة الإنسانية وقوتها في صنع الحضارة.
وإذا كنا ما نزال نراوح مكاننا في كل صعيد، وإذا كانت إرادتنا الاجتماعية قاصرة عن بناء مستقبلنا الإقتصادي والاجتماعي، فذلك لأن انحرافاً فكرياً أخرجنا عن الطريق. ولقد جاءت محاضرات بن نبي تؤازر مؤلفاته العديدة، في تحديد المنهج القادر على إخراجنا من أزمتنا الراهنة.
فدراسات بن نبي تضيء لجهود التنمية الاجتماعية والإقتصادية في العالم المتخلف، زاوية الفعالية حين تتناول بناء الإنسان في إطار ثقافة، تستجيب لمعطياته وأصالته.
تلك سمات نشهدها جلية في (تأملات) كما نلمسها في سائر ما كتب بن نبي.
ولقد أعدنا طبع المحاضرات هذه بعد ما راجعنا أسلوبها العربي فصححنا بعض العبارات وجلونا بيان بعضها.
والكتاب هذا هو الثاني نصدره بعد (ميلاد مجتمع)، ولسوف يتبعه ثالث إن شاء الله، حتى نعيد طبع كتب المؤلف جميعاً إن شاء الله.