للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان حَكَماً عدلاً بينهما. ولعل السر أن التعصب للفظ وقت أن وضع " أسرار البلاغة " كان قد بلغ مداه.

* * *

[* قيمة مذهب عبد القاهر:]

كانت فكرة النظم التي أشار إليها الجاحظ وتبناها عبد القاهر الجرجانى ففتح

أكمامها وبعثها في كتابه " الدلائل " حديقة دانية القطوف. وارفة الظلال.

كانت هذه الفكرة فتحاً جديداً في مجالات البلاغة والبيان والأدب والنقد. وقد سبق عبد القاهر المفكرين المعاصرين بزمن طويل حين أرسى قواعد هذه النظرية التي يتعانق فيها الشكل والمضمون وتبدو فيها قيمة الألفاظ والمعاني مجتمعة دونما تفضيل.

" مذهب عبد القاهر هو أصح وأحدث ما وصل إليه علم اللغة في أوروبا

لأيامنا هذه، هو مذهب العالِم السويسرى الثبت " فردنان دى سوسير " (المتوفى سنة ١٩١٣) . لقد فطن عبد القاهر إلى أن اللغة ليست مجموعة من الألفاظ

بل مجموعة من العلاقات ".

وقد أخذ بنظرية عبد القاهر عالم وناقد إيطالى هو " بندتو كروتشيه "

ونظريته في النقد ذات خطر عظيم.

وفي هذه النظرية إجابة شافية عن سؤال مهم في مجال النقد الجمالى:

هل الجمال ينحصر في المضمون وحده؟ أم في الشكل وحده؟ أم هو فيهما

معاً؟

وعلى ما هو معروف بين فلاسفة الجمال من المراد من الشكل والمضمون، فإن عبد القاهر كان عالياً في منهجه إذ أرجع التذوق الجمالى إلى الشكل والمضمون كليهما. لهذا يلتقى " بندتو كروتشيه " مع عبد القاهر في هذا المنهج السليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>