للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يضع حداً للاستعارة يلتقى فيه مع الآمدى، إذ يطلب كل منهما فى

الاستعارة أن تظهر فيها المناسبة بينة بين المستعار له، والمستعار منه.

ويمضى الجرجانى بروح العالِم الناقد بعد مقدمة كتابه يتحدث عن الشعر اء

المتقدمين والمتأخرين وخاصة أبا نواس وأبا تمام مصوراً ما في أشعارهم من جمال

أو قبح، محتكماً إلى البلاغة والذوق واللغة والتاريخ، ثم يعمد إلى شِعر

المتنبي ويذكر طائفة من أشعاره التي أخذَت عليه إما لبعد الاستعارة أو لغرابة

فى اللفظ أو تعقيد في الكلام.

* * *

[* حصيلة هذه الجولات.]

رأينا منذ بزوغ النقد العربي من العصر الجاهلى حتى القرن الرابع الهجرى أن

النقد والبلاغة وُلِدا توأمين، وأن البلاغة كانت ذات يد على النقد غذَّته ونمَّته، وأفدته بكثير من عناصر التطور والنضوج.

وأنها كانت - وما زالت - المقوم الأساسى للنقد الفنى والنقد النفسي.

ورأينا أنها تشرلع للأدب. ومنارات هدى للشعراء والناثرين، تُسهم فى

رسم الصورة التي ينبغى أن يكون عليها الأداء اللفظي.

والأسس العامة التي ينبغى أن تورد على هداها المعاني.

ورأينا أنها كانت وراء كل قضية أدبية أو نقدية لأنها كانت تشيع فى

الأساليب شيوع الماء في العود الأخضر. فما استُحْسِن معنى إلا من جهتها.

ولا عِيْبَ آخر إلا لمخالفته مقاييسها. بل كانت هي وراء أخطر قضية في النقد

العربي لا من الناحية الأدبية فقط. بل ومن ناحية الدين أيضاً، إنها وراء

قضية الإعجاز القرآني. وكتاب عبد القاهر " الدلائل " آية هذا وشاهده.

وإذا نظرنا إلى عنصرى الأدب - " الألفاظ " و " المعاني " - فإن البلاغة

تشرع للاثنين معاً، وتقدم لهما أثمن الإرشادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>