للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٥٢ - عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: نا مَعْمَرٌ , قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ النَّبِيُّ: «فَنَعَمْ إِذَنْ» , فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ , إِذْ جَاءَهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ , وَكَانَ يَأْمَنُهُ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا , وَكَانَ مُوَادِعًا لَهُمَا , فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ عُيَيْنَةَ وَأَبِي سُفْيَانَ , إِذْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنِ اثْبُتُوا , فَإِنَّا سَنُحَالِفُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى بَيْضَتِهِمْ , ⦗٣٣٥⦘ فَقَالَ النَّبِيُّ: «فَلَعَلَّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ» , وَكَانَ نُعَيْمٌ رَجُلًا لَا يَكْتُمُ الْحَدِيثَ , فَقَامَ بِكَلِمَةِ الْحَدِيثِ , فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ «إِنْ كَانَ هَذَا أَمْرًا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فَأَمْضِهِ , وَإِنْ كَانَ رَأْيًا مِنْكَ فَإِنَّ شَأْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقُرَيْشٍ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ عَلَيْكَ فِيهِ مَقَالٌ» فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيَّ الرَّجُلَ , رُدُّوهُ» فَرَدُّوهُ فَقَالَ: «انْظُرِ الَّذِي ذَكَرْنَا لَكَ فَلَا تَذْكُرُوهُ لِأَحَدٍ» فَكَأَنَّمَا أَغْرَاهُ بِهِ , فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى عُيَيْنَةَ وَأَبَا سُفْيَانَ فَقَالَ: «هَلْ سَمِعْتُمْ مُحَمَّدًا يَقُولُ قَوْلًا إِلَّا كَانَ حَقًّا؟» فَقَالُوا: لَا , فَقَالَ: فَإِنِّي لَمَّا ذَكَرْتُ لَهُ شَأْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ: «فَلَعَلَّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ» فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: " سَنَعْلَمُ ذَلِكَ , إِنْ كَانَ مَكْرًا , فَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: إِنَّكُمْ قَدْ أَمَرْتُمُونَا أَنْ نَثْبُتَ , وَإِنَّكُمْ سَتُحَالِفُونَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى بَيْضَتِهِمْ , فَأَعْطُونَا بِذَلِكَ رَهِينَةً " قَالُوا: إِنَّهَا قَدْ دَخَلَتْ لَيْلَةُ السَّبْتِ , وَإِنَّا لَا نَقْضِي فِي السَّبْتِ شَيْئًا , ⦗٣٣٦⦘ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَنْتُمْ فِي مَكْرٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ , فَارْتَحِلُوا , فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ , وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ , فَأَطْفَأَتْ نِيرَانَهُمْ , وَقَطَعَتْ أَرْسَانَ خُيُولِهِمْ , فَانْطَلَقُوا مُنْهَزِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ , فَلِذَلِكَ حِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: ٢٥] قَالَ: فَثَبَتَ أَصْحَابُهُ فِي طَلَبِهِمْ , فَطَلَبُوهُمْ حَتَّى بَلَغُوا حَمْرَاءَ الْأَسَدِ , ثُمَّ رَجَعُوا قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ عَنْهُ لَأْمَتَهُ وَاغْتَسَلَ وَاسْتَجْمَرَ , فَنَادَاهُ جِبْرِيلُ: عَذِيرَكَ مِنْ مُحَارِبٍ أَلَا أَرَاكَ قَدْ وَضَعْتَ اللَّأْمَةَ وَلَمْ تَضَعْهَا الْمَلَائِكَةُ بَعْدُ؟ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا , فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَا تُصَلُّوا صَلَاةَ الْعَصْرِ حَتَّى تَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ» , فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُمْ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُرِدْ أَنْ تَدَعُوا الصَّلَاةَ , فَصَلُّوا , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " وَاللَّهِ إِنَّا لَفِي عَزِيمَةِ النَّبِيِّ , وَمَا عَلَيْنَا بَأْسٌ , فَصَلَّتْ طَائِفَةٌ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا , فَلَمْ يُحَنِّثِ النَّبِيُّ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ , وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَجَالِسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ , ⦗٣٣٧⦘ فَقَالَ: «هَلْ مَرَّ بِكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟» فَقَالُوا: مَرَّ عَلَيْنَا دَحْيَةُ الْكَلْبِيُّ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ , تَحْتَهُ قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ ذَلِكَ بِدَحْيَةَ , وَلَكِنَّهُ جِبْرِيلُ , أُرْسِلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لِيُزَلْزِلَهُمْ , وَيَقْذِفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ» قَالَ: فَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَسْتُرُوهُ بِالْحَجَفِ حَتَّى يُسْمِعَهُمْ كَلَامَهُ , فَفَعَلُوا , فَنَادَاهُمْ: " يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ , قَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا كُنْتَ فَاحِشًا قَالَ: " فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ , وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ , فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقَتَّلَ مُقَاتِلَتُهُمْ , وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ , وَنِسَاؤُهُمْ , وَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَصَابَ الْحُكْمَ» , وَكَانَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ اسْتَجَاشَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَاءَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَاسْتَفْتَحَ عَلَيْهِمْ لَيْلًا , فَقَالَ سَيِّدُهُمْ: " إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَشْئُومٌ , فَلَا يُشْئِمَنَّكُمْ , فَنَادَاهُمْ حُيَيٌّ: يَا بَنِي قُرَيْظَةَ «أَلَا تَسْتَحْيُونِي؟ أَلَا تَلْحَقُونِي؟ أَلَا تُضَيِّفُونِي , فَإِنِّي جَائِعٌ مَقْرُورٌ» فَقَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ: «وَاللَّهِ لَنَفْتَحَنَّ لَهُ , فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى فَتَحُوا لَهُ , فَلَمَّا دَخَلَ مَعَهُمْ أُطُمَهُمْ» ⦗٣٣٨⦘ قَالَ: يَا بَنِي قُرَيْظَةَ جِئْتُكُمْ فِي عِزِّ الدَّهْرِ , جِئْتُكُمْ فِي عَارِضِ بَرْدٍ لَا يَقُومُ لِسَبِيلِهِ شَيْءٌ , فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُمْ: «أَتَعِدُنَا عَارِضًا بَرْدًا , تَنْكَشِفُ عَنَّا , وَتَدَعُنَا عِنْدَ بَحْرٍ دَائِمٍ لَا تُفَارِقُنَا , إِنَّمَا تَعِدُنَا الْغُرُورَ» قَالَ: " فَوَاثَقَهُمْ , وَعَاهَدَهُمْ: لَئِنِ انْقَضَتْ جُمُوعُ الْأَحْزَابِ أَنْ يَجِيءَ حَتَّى يَدْخُلَ مَعَهُمْ أُطُمَهُمْ , فَأَطَاعُوهُ حِينَئِذٍ فِي الْغَدْرِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْمُسْلِمِينَ , فَلَمَّا قَضَى اللَّهُ جُمُوعَ الْأَحْزَابِ انْطَلَقَ , حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ ذَكَرَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ والَّذِي أَعْطَاهُمْ , فَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ مَعَهُمْ أُطُمَهُمْ , فَلَمَّا قُتِلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ أُتِيَ بِهِ مَكْتُوفًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ حُيَيٌّ: «أَمَا وَاللَّهِ مَا لُمْتُ نَفْسِي فِي عَدَاوَتِكَ , وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُلِ اللَّهُ يُخْذَلْ , فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ»

<<  <  ج: ص:  >  >>