للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ:

٣٢٨ - نا مَعْمَرٌ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , أَنَّ أَوَّلَ جَبَّارٍ كَانَ فِي الْأَرْضِ نُمْرُوذُ , قَالَ: وَكَانَ " النَّاسُ يَخْرُجُونَ يَمْتَارُونَ مِنْ عِنْدِهِ الطَّعَامَ , قَالَ: فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ يَمْتَارُهُ مَعَ مَنْ يَمْتَارُ " فَإِذَا مَرَّ بِهِ نَاسٌ قَالَ: «مَنْ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: أَنْتَ , حَتَّى مَرَّ بِهِ إِبْرَاهِيمُ قَالَ: «مَنْ رَبُّكَ؟» قَالَ: الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ , قَالَ: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: ٢٥٨] قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: ٢٥٨] قَالَ: فَرُدَّ بِغَيْرِ طَعَامٍ , قَالَ: فَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ , فَمَرَّ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ رَمْلٍ أَعْفَرَ , فَقَالَ: " أَلَا آخُذُ مِنْ هَذَا فَأُتِيَ بِهِ أَهْلِي , فَتَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ حِينَ أَدْخُلُ عَلَيْهِمْ , قَالَ: فَأَخَذَ مِنْهُ , فَأَتَى أَهْلَهُ " قَالَ: فَوَضَعَ مَتَاعَهُ ثُمَّ نَامَ , قَالَ: «فَقَامَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى مَتَاعِهِ , فَفَتَحَتْهُ , فَإِذَا هُوَ بِأَجْوَدِ طَعَامٍ رَآهُ أَحَدٌ , فَصَنَعَتْ لَهُ مِنْهُ , فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْهِ , وَكَانَ عَهْدُهُ بِأَهْلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ طَعَامٌ» فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ فَقَالَتْ: «مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ , فَعَرَفَ أَنَّ اللَّهَ رَزَقَهُ , فَحَمِدَ اللَّهَ» ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ إِلَى الْجَبَّارِ مَلَكًا: «أَنْ آمِنْ بِي , وَأَتْرُكُكَ عَلَى مُلْكِكَ» قَالَ: فَهَلْ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: «فَجَاءَهُ الثَّانِيَةَ» فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ: «فَأَبَى عَلَيْهِ , ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ , فَأَبَى عَلَيْهِ» فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: فَاجْمَعْ جُمُوعَكَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ , قَالَ: فَجَمَعَ الْجَبَّارُ جُمُوعَهُ , قَالَ: «فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَكَ , فَفَتَحَ عَلَيْهِ بَابًا مِنَ الْبَعُوضِ» قَالَ: فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَلَمْ يَرَوْهَا مِنْ كَثْرَتِهَا , قَالَ: «فَبَعَثَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ , فَأَكَلَتْ لُحُومَهُمْ , وَشَرِبَتْ دِمَاءَهُمْ , فَلَمْ تُبْقِ إِلَّا الْعِظَامَ , وَالْمَلِكُ كَمَا هُوَ لَمْ يُصِبْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ» فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعُوضَةً , فَدَخَلَتْ فِي مَنْخَرِهِ , فَمَكَثَ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ , يُضْرَبُ رَأْسُهُ , وَأَرْحَمُ النَّاسِ بِهِ مَنْ جَمَعَ يَدَيْهِ , ثُمَّ ضَرَبَ بِهِمَا رَأْسَهُ , وَكَانَ جَبَّارًا أَرْبَعَ مِائَةِ عَامٍ , فَعَذَّبَهُ اللَّهُ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ كَمُلْكِهِ , ثُمَّ أَمَاتَهُ اللَّهُ , وَهُوَ الَّذِي كَانَ بَنَى صَرْحًا إِلَى السَّمَاءِ , فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ , وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} [النحل: ٢٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>