نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ
٣٥٦٨ - عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ صُهَيْبٍ , قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ هَمَسَ - وَالْهَمْسُ , فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ , تَحَرُّكُ شَفَتَيْهِ كَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بشيْءٍ - فَقِيلَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ الْعَصْرَ هَمَسْتَ , فَقَالَ: " إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ أُعْجِبَ بِأُمَّتِهِ , فَقَالَ: مَنْ يَقُومُ لِهَؤُلَاءِ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ خَيِّرْهُمْ بَيْنَ أَنْ أَنْتَقِمَ مِنْهُمْ , وَبَيْنَ أَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ , فَاخْتَارُوا النِّقْمَةَ , قَالَ: فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ , قال فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا , قَالَ: وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثِ , حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْآخَرِ , قَالَ: كَانَ مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ لَهُ كَاهِنٌ يَتَكَهَّنُ لَهُمْ , فَقَالَ ذَلِكَ الْكَاهِنُ: انْظُرُوا إِلَيَّ غُلَامًا فَهِمًا فَطِنًا أَوْ قَالَ: لَقِينًا فَأُعَلِّمَهُ عِلْمِي هَذَا , فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ أَمُوتَ , فَيَنْقَطِعَ مِنْكُمْ هَذَا الْعِلْمُ , فَلَا يَكُونَ مِنْكُمْ مَنْ يَعْلَمُهُ , قَالَ: فَنَظَرُوا لَهُ غُلَامًا عَلَى مَا وَصَفَ , فَأَمَرُوهُ أَنْ يَحْضُرَ ذَلِكَ الْكَاهِنَ , وَأَنْ يَخْتَلِفَ إِلَيْهِ , قَالَ: فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ , قَالَ: وَكَانَ عَلَى طَرِيقِ الْغُلَامِ رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَةٍ لَهُ - قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَحْسَبُ أَنَّ أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ يَوْمَئِذٍ كَانُوا مُسْلِمِينَ - قَالَ: فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَسْأَلُ الرَّاهِبَ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ , فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَخْبَرَهُ , فَقَالَ: إِنَّمَا أَعْبُدُ اللَّهَ , ⦗٤١٤⦘ قَالَ: فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَمْكُثُ عِنْدَ الرَّاهِبِ , وَيُبْطِئُ عَنِ الْكَاهِنِ , قَالَ: فَأَرْسَلَ الْكَاهِنُ إِلَى أَهْلِ الْغُلَامِ , إِنَّهُ لَا يَكَادُ يَحْضُرُنِي , قَالَ: فَأَخْبَرَ الْغُلَامُ الرَّاهِبَ بِذَلِكَ , فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: إِذَا قَالَ لَكَ الْكَاهِنُ أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْ: عِنْدَ أَهْلِي , وَإِذَا قَالَ أَهْلُكَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَأَخْبِرْهُمْ إِنَّكَ كُنْتَ عِنْدَ الْكَاهِنِ , قَالَ: فَبَيْنَمَا الْغُلَامُ عَلَى ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِجَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ كَبِيرَةٍ , قَدْ حَبَسَتْهُمْ دَابَّةٌ , قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ كَانَتْ أَسَدًا , قَالَ: فَأَخَذَ الْغُلَامُ حَجَرًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ الرَّاهِبُ حَقًّا فَأَسْأَلُكَ أَنْ أَقْتُلَ هَذِهِ الدَّابَّةَ , وَإِنْ كَانَ مَا يَقُولُ الْكَاهِنُ حَقًّا فَأَسْأَلُكَ أَنْ لَا أَقْتُلَهَا , ثُمَّ رَمَى فَقَتَلَ الدَّابَّةَ , فَقَالَ النَّاسُ: مَنْ قَتَلَهَا؟ فَقَالُوا الْغُلَامُ , فَفَزِعَ النَّاسُ إِلَيْهِ , وَقَالُوا قَدْ عَلِمَ هَذَا الْغُلَامُ عِلْمًا لَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ , قَالَ: فَسَمِعَ بِهِ أَعْمًى , فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ الْأَعْمَى: إِنْ أَنْتَ رَدَدْتَ بَصَرِي فَإِنَّ لَكَ كَذَا وَكَذَا , فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا أُرِيدُ مِنْكَ هَذَا وَلَكِنْ أَرَأَيْتَ إِنْ رَجَعَ إِلَيْكَ بَصَرُكَ أَتُؤْمِنُ بِالَّذِي رَدَّهُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ فَرَدَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ , قَالَ: فَآمَنَ الْأَعْمَى , قَالَ: فَبَلَغَ الْمَلِكَ أَمْرُهُمْ , فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ , فَقَالَ: لَأَقْتُلَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ قِتْلَةً , لَا أَقْتُلُ بِهَا صَاحِبَهُ , قَالَ: فَأَمَرَ بِالرَّاهِبِ , وَبِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ أَعْمًى فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ عَلَى مَفْرِقِ أَحَدِهِمَا فَقَتَلَهُ , وَقَتَلَ الْآخَرَ بِقِتْلَةٍ أُخْرَى , ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُلَامِ فَقَالَ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَأَلْقُوهُ مِنْ رَأْسِهِ , ⦗٤١٥⦘ قَالَ: فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ , فَلَمَّا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى ذَلِكَ الْمَوضِعَ الَّذِي أَرَادُوا جَعَلُوا يَتَهَافَتُونَ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ , وَيُرَدَّوْنَ مِنْهُ , حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْغُلَامُ , قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْغُلَامُ فَأَمَرَ بِهِ الْمَلِكُ فَقَالَ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى الْبَحْرِ فَأَلْقُوهُ فِيهِ , فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَى الْبَحْرِ فَغَرَّقَ اللَّهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَأَنْجَاهُ , فَقَالَ الْغُلَامُ: أَنْتَ لَا تَقْتُلُنِي حَتَّى تَصْلُبَنِي , ثُمَّ تَرْمِيَنِي فَتَقُولَ إِذَا رَمَيْتَنِي: بِسْمِ رَبِّ الْغُلَامِ , قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ , ثُمَّ رَمَاهُ فَقَالَ: بِسْمِ رَبِّ الْغُلَامِ , قَالَ: فَوَضَعَ الْغُلَامُ يَدَهُ عَلَى صُدْغِهِ حِينَ رُمِيَ ثُمَّ مَاتَ , قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ: لَقَدْ عَلِمَ هَذَا الْغُلَامُ عِلْمًا مَا عَلِمَهُ أَحَدٌ , وَإِنَّا نُؤْمِنُ بِرَبِّ هَذَا الْغُلَامِ , فَقِيلَ لِلْمَلِكِ أَجَزِعْتَ , أَنْ خَالَفَكَ ثَلَاثَةٌ فَهَذَا الْعَالَمُ كُلُّهُمْ قَدْ خَالَفُوكَ , فَخَدَّ أُخْدُودًا , ثُمَّ أَلْقَى فِيهَا الْحَطَبَ وَالنَّارَ , ثُمَّ جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا فَقَالَ: مَنْ رَجَعَ إِلَى دِينِهِ تَرَكْنَاهُ , وَمَنْ لَمْ يَرْجِعْ أَلْقَيْنَاهُ فِي هَذِهِ النَّارِ , فَجَعَلَ يُلْقِيهِمْ فِي ذَلِكَ الْأُخْدُودِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: ٥] قَالَ: «فَأَمَّا الْغُلَامُ فَإِنَّهُ دُفِنَ» فَذَكَرَ أَنَّهُ أُخْرِجَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُصْبُعُهُ عَلَى صُدْغِهِ , كَمَا كَانَ وَضَعَهَا حِينَ قُتِلَ