للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر ابن القيم في بعض كتبه أن مسلماً أسره الكفار فكتب هذا الأسير إلى صاحبٍ له يتشكى ويتظلم، قال: أنا أسير عند الكفار، وأنا أريد منك كذا .... قال: أشكر ربك، هذا الأسير قيّد وصفّد بالقيود، كتب إلى صاحبه قيدت وأوذيت، فقال: أشكر ربك، طيب، عمل بهذه النصيحة وشكر، سُلسل معه وقيد معه شخص آخر في قيده شخص مبطون، يحتاج إلى قضاء الحاجة باستمرار، ولا يستطيع أن ينتقل إلى مكان قضاء الحاجة، فأرسل إلى صاحبه: قيد معي واحد آذاني برائحته، وبما يخرج منه، قال له: أشكر ربك، أرسل له هذا المقيد قال: علام أشكر؟ وش أشد من وضعٍ أنا فيه؟ قال: أشكر ربك على أنك لست مثلهم، يعني لو مت الآن ومآلك إلى النار مثلهم أبد الآبدين، هذه ما هي نعمة ذي؟ فاعترف بالنعمة، وشكر ربه من قلبه، فانفك القيد تلقائياً، وخرج من الأسر، ما يشعر الإنسان أنه يتقلب في نعم، حتى الناس الذين ابتلاهم الله -جل وعلا-، إما بفقر أو بأمراض لو بحثوا على وجه الأرض وجدوا من أقاربهم وممن حولهم من هم أشد منهم، يعني لو نظرت إلى مثلاً لا تملك شيء ومدين بأموال عندك نعم أخرى، عندك نعمة الدين التي لا يعدلها نعمة، عندك نعمة الصحة، نعم تتقلب فيها لا تكاد .... ، نعمة البصر، نعمة السمع، لو الإنسان يفني عمره بشكر هذه النعم ما وفاها حقها، {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(١٨) سورة النحل] المريض الذي يتقلب إذا تذكر أن هذا المرض قد يكون خيراً له في دنيه ودنياه، قد يكون الله -جل وعلا- صرف عنه ما هو أعظم من هذا المرض، لو تصورنا هذا الأمور وشكرنا الله -جل وعلا-، وإذا نظرنا إلى من هو دوننا دعانا ذلك إلى شكر الله -جل وعلا- بحيث لا نزدري نعمة الله علينا، الشخص الذي يسكن في بيت صغير وليس بجميل، ينقصه بعض الأمور، يا أخي انظر إلى أناس يسكنون في صنادق، وش وضعهم بالصيف هؤلاء والشتاء؟ وصاحب الصندقة ينظر إلى ناسٍ ما عندهم صندقة يسكنون على الأرصفة، عوائل في البلدان الأخرى تسكن على الأرصفة؛ لكن هذا الميزان في أمور الدنيا، أما في أمور الآخرة فالذي ينبغي العكس تنظر إلى من هو فوقك، تقول: أنا -ولله الحمد- منّ الله علي أقرأ القرآن في كل شهر، يا أخي انظر إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>