على كل حال المسألة متفق عليها بين أهل العلم، لم يخالف أحد في أن الماء إذا تغير بنجاسة أنه نجس، سواء كان التغير في اللون أو الطعم أو الريح؛ لأن المستعمل لهذا الماء المتغير مستعمل لنجاسة، إن الماء طهور لا ينجسه شيء، وهذا الحديث عمومه يقتضي أن الماء لا ينجس إلا إذا تغير، قلّ أو أكثر، عمومه يقتضي أن الماء لا ينجس إلا بالتغير قل أو أكثر، هذا العموم وهو استدلال بالمنطوق إلا أنه بالعموم معارض بمفهوم حديث ابن عمر، حديث القلتين:((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) مفهومه أنه إذا لم يبلغ القلتين فإنه يحمل الخبث، فعندنا تعارض بين منطوقٍ عام ومفهومٍ خاص، فإذا نظرنا إلى النصين من حيث العموم والخصوص لا شك أن الخاص مقدم على العام، وهذا أمر متفق عليه؛ لكن إذا نظرنا إليهما من باب المنطوق والمفهوم، لا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم، ولذا اختلف أهل العلم في التفريق بين القليل والكثير، هل نفرق بين القليل والكثير بناءً على حديث ابن عمر في القلتين أو لا نفرق عملاً بإطلاق حديث أبي سعيد؟ لأن في كل حديثٍ جهة قوة وجهة ضعف، عموم الحديث ضعف، وكونه منطوق قوة، وفي حديث القلتين منطوقه أو مفهومه فيه ضعف، وخصوصه فيه قوة، إذا جاء عندنا تعارض في مثل هذا فهل نقدم المنطوق على المفهوم ونلغي المفهوم ويكون حديث ابن عمر لا مفهوم له لأنه معارض لمنطوق حديث أبي سعيد؟ أو نلغي العموم نقصر عموم حديث أبي سعيد على بعض أفراده لمعارضته بالخاص من مفهوم حديث ابن عمر؟ والمسألة من المضايق، لا بد من أن ننتبه لمثل هذا، الآن لما يختلف الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد يفرقون بين القليل والكثير، مالك لا يفرق، ما عنده مالك، طاهر وطهور واحد، طاهر ونجس، طاهر يشرب، طاهر يتوضأ به، وإلا نجس، والفارق عنده التغير، الثلاثة عندهم لا، قد يكون الماء لم يتغير لكنه لقلته لكونه أقل من القلتين عند الشافعية والحنابلة أو لكونه أقل من عشرة في عشرة غدير كما يقول محمد بن الحسن، أو حرك طرفه لم يتحرك الطرف الآخر عند الحنفية تفاصيل معروفة، لكن هم في عداد من يفرق بين الكثير والقليل، فالثلاثة في جهة، ومذهب مالك في جهة، الآن إذا نظرنا إلى مذهب مالك رجح