الباب تدل على أن الربا قليله وكثيره حرام، فألغي مفهوم هذه الآية بمنطوق النصوص الأخرى، ولا شك أن المفهوم معتبر عند جمهور العلماء؛ لكن يبقى أنه إذا لم يعارض بمنطوقٍ أقوى منه، ومثلما ذكرنا أن النصين بينهما عموم وخصوص، باعتبار المنطوق والمفهوم بينما أيضاً وجه قوة للنص الآخر من حيثيةٍ أخرى، فما الراجح من القولين؟ يعني إذا نظرنا إلى النظائر التي ذكرناها رجحنا رأي مالك، وأن المنطوق أقوى من المفهوم، رجحنا رأي مالك بآية {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [(٨٠) سورة التوبة] وآية {أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(١٣٠) سورة آل عمران] كلها نظيرة مع الإمام مالك، أيضاً القول بالتفريق بين القليل والكثير، أولاً: حديث القلتين الكلام فيه كثير جداً؛ من حيث الثبوت، حتى حكم عليه أهل العلم بالاضطراب في سنده ومتنه؛ لكن على القول بصحته وهو مصحح عند جمع من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية يصححه، ابن حجر يصححه، لكن شيخ الإسلام يصححه ويعمل بمنطوقه دون مفهومه؛ لأن المفهوم معارض، طيب القول بالتفريق الذي يراه الأئمة الثلاثة لزم عليه من الحرج والضيق في كثيرٍ من المسائل بحيث صار بعض المسائل لا يمكن تصورها يعني في باب المياه مثلاً مسائل معقدة جداً، يعني أهل العلم أصحاب النظرة الواسعة يقولون: أن الشرع لا يأتي بمثل هذه المسائل، فيها شيء من التعقيد، طيب لو جئنا بمثال، هذا المثال ذكره النووي في المجموع، يقول: هذا برميل يسع قلتين، ومملوء يعني على اصطلاحهم كثير وإلا قليل؟ كثير، وقع فيه نجاسة، وما غيرت شيء من لونه وطعمه ولا ريحه، جئنا بدلو وغرفنا منه بحيث ينقص عن القلتين، وش يقول لك النووي والشافعية؟ يقولون: أن الذي في جوف الدلو طاهر وإلا نجس؟ طاهر لأنه أكثر من قلتين، قلتين فأكثر، لكن الذي يتساقط منه، الذي صار فيه بعد أن نقص عن القلتين، يقول أهل العلم: هل يأتي الشرع بمثل هذا؟ تأتي بدلو تغرف من ماء طاهر عندك فيكون ما في جوفه طاهر، وما يتساقط منه من برى نجس؟ ولذا الغزالي في الإحياء تمنى أن لو كان مذهب الشافعي مثل مذهب الإمام مالك، على شان يتخلصون من هذه القضايا، وهذه المسائل المشكلة، وما الذي دعا