للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيهم من الشبه من الخوارج وفيهم كذا، يلقي عليهم نصوص الوعد، ويكثر من هذه النصوص ليمتص بعض ما عندهم، إذا كان بالمقابل في مجتمع متفلت ضايع، مفرطين، هؤلاء يعالجهم بنصوص الوعيد، ولذا جاءت النصوص الشرعية بهذا وهذا، وإلا بالإمكان أن ينزل القرآن على صفةٍ واحدة، على وصفٍ متوسط، لا إفراط ولا تفريط، لا وعد ولا وعيد على القدر المطلوب، لا؛ لأن النفوس ليست واحدة، النفوس ليست واحدة، لأنها لو جاءت على وتيرة واحدة كلها بالتوسط فلا بد من أن يشط يمين وإلا يسار، خليه يشط لليمين يعالج بنصوص اليسار، إن شط لليسار يعالج بنصوص اليمين، وبهذا تبرز وسطية هذه الملة، وسطية هذه الملة تبرز بمثل هذا، ولذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لما أراد أن يبين وسطية أهل السنة والجماعة ذكر المذاهب من الجهتين، فإذا كان الداعية في مجتمع يغلب عليه الإرجاء، يكثر من نصوص الوعيد، والعكس إذا كان في مجتمع فيه بعض الخوارج يكثر من نصوص الوعد، ويعالج كل بما يناسبه، ((فسددوا وقاربوا)) سددوا: الزموا السداد في أقوالكم وأفعالكم، في عباداتكم، في معاملاتكم، وقاربوا: احرصوا على القرب من الكمال، ((وابشروا)) بالوعد الذي رتب على هذه الأفعال.

<<  <  ج: ص:  >  >>