للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

((ومن يتصبر)) والصبر معروف، حمله على النفس، يتصبر على نفسه أن تتخلق بهذا الخلق الجميل فيتصبر إذا لم يكن الصبر عنده خليقة يتصبر ويجاهد نفسه على ذلك، فيحمل نفسه على الصبر على طاعة الله، ويحملها على الصبر عن معصية الله، ويحملها على الصبر على أقدار الله، فإذا وجدت عنده هذه الملكة، وهذه السجيّة فليحمد الله على ذلك، إذا لم توجد عنده يحمل نفسه عليها ويجاهد نفسه عليها، حتى تكون عنده خليقة وملكة ((يصبره الله)) يعنيه الله -جل وعلا- على الصبر، والصبر ثوابه عظيم، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(١٠) سورة الزمر] {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} [(١٥٥ - ١٥٦) سورة البقرة] والنصوص كثيرة، فلا بد من الصبر على طاعة الله، لا بد من الصبر عليها، لا يقول: الجادة طويلة ومن يبي يصبر على هذه التكاليف؟ الذي ما يصبر عليها يصبر على نار جهنم بعد، بعض الناس يقول: أيام حر شديد كيف نصبر على الصيام؟ وكيف نصبر على الجهاد في أيام الحر؟ يقول الله -جل وعلا-: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [(٨١) سورة التوبة] يعني إن لم يصبر هذه الساعات وهذه الأيام، وعيده في جهنم، نسأل الله العافية، فليصبر على طاعة الله، وليصبر عن معصية الله، يقهر نفسه، لا شك أن الشهوات تنازع الإنسان، والنفس الأمارة، والشيطان إذا اجتمعت له هذه الأمور لا شك أنه تدعوه نفسه إلى ذلك، وتتوق إليه؛ لكن عليه أن يقهر نفسه، ويحمل نفسه على الصبر عنها، وإنما هي صبر ساعات، ثم بعد ذلك يبشر، بشر الصابرين، وليصبر على أقدار الله، فإذا أصيب الإنسان بمصيبة عليه أن يرضى ويصبر ويحتسب الأجر من الله -جل وعلا-، فإن صبر له الأجر العظيم، وإن لم يصبر فالأمر بضد ذلك، فالأجر معلق بالصبر، من سخط فعليه السخط، على كل حال المصائب جاء فيها أنها مكفرات للذنوب، وقد يبتلى الإنسان بأمرٍ يخرج من ذنوبه بسببه، يخرج من ذنوبه كلها، والله -جل وعلا- يبتلي عباده، وقد يكتب لعبده منزلة لا يبلغها بعمله فيصاب ((من يرد الله به خيراً يصب منه)) وحينئذٍ عليه أن يصبر ويحتسب

<<  <  ج: ص:  >  >>