بالكمية، وتنمية الأموال بالكمية ظاهر، الناس يبذلون الملايين فيما يرضي الله -جل وعلا- وأموالهم تزيد زيادات كبيرة جداً، وبالمقابل أهل الشح والبخل أموالهم تنقرض، وكثير من أموالهم يصرفها أهل الشح والبخل فيما لا يرضي الله -جل وعلا-، بل تتفلت منهم رغم أنوفهم، يبتلى بولدٍ مبذر، يبتلى بامرأة سفيهة، يبتلى بأمراض، يبتلى بكوارث ومصائب وجوارح، وهذا الواقع يشهد بهذا، ولهذا الوعد الصادق لا يتخلف، قد لا يزيد المال في الكمية، يزيد في الكيفية، يستفيد من هذا المال فيما يرضي الله -جل وعلا-، وفيما يسعده في دنياه، وهذا من الزيادة، والزيادة تحتمل أن تكون الكمية والكيفية، كزيادة العمر مع الصلة، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً؛ لأن الناس يتصورون إن الإنسان إذا عفا عمّن ظلمه يتصورون أنه أنزل نفسه، ويرمونه بالعجز، لولا أنه عاجز عن استيفاء حقه ما عفا، فيتصورونه أو قد يتبادر على بعض الأذان أنه ذل بعفوه، والحديث الصحيح يدل على العكس والواقع يشهد بذلك، ولا شك أن من عفا أجره على الله، {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(٢٣٧) سورة البقرة] وإذا كان أقرب للتقوى فهو العز الحقيقي، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله، ما تواضع أحد لله يرجو بهذا التواضع ثواب الله -جل وعلا-، ما تواضع من أجل ثناء الناس عليه، ولا تواضع للأغنياء لكي يصلونه بشيءٍ من أموالهم، إنما تواضع لله -جل وعلا-، إذا تواضع لله -جل وعلا-، والمتواضع والتواضع خضوع وقرب حسي، وإن كان من حيث الناحية المعنوية رفعة عند الله -جل وعلا- وعند خلقه، وهذا شيء مجرب، بعض الناس لا يطيق رؤية المتكبر، بل وجد من يعتدي عليه، متكبر في مشيته، في كلامه، في تعامله مع الناس، هذا لا يطاق، مثل هذا وإن رفع نفسه أذله الله -جل وعلا-، يقول الشاعر:
تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ ... على صفحات الماء وهو رفيعُ
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه ... إلى طبقات الجو وهو وضيعُ