((يدع شهوته وطعامه من أجلي)) من أجلي، الباعث على هذا الصيام طلب ما عند الله -جل وعلا-، قد يقول قائل: زيد من الناس أصيب بمرض، فأوصاه الأطباء بالحمية، وقال: بدلاً من الحمية أصوم، هل هذا ترك شهوته وطعامه من أجل الله؟ له أجر وإلا ما له أجر؟ له أجر؛ لأنه ما عدل عن الحمية التي لا توافق الشرع إلى ما يوافق ما أمر به الشارع إلا طلباً لثواب الله -جل وعلا- فله أجره؛ لكن يبقى أن ثوابه ما هو مثل ثواب الذي من أجل الله -جل وعلا- ترك الطعام والشراب، وقل مثل هذا الكلام فيمن أمره الأطباء بكثرة المشي فقال: بدلاً من أن أجوب الأسواق طولاً وعرضاً أطوف، يطوف، ويسأل بعض الناس السعي فيه ثواب وإلا ما فيه ثواب؟ رياضة، يبي يمشي هو، يقول: لا السعي ما فيه ثواب إلا إذا كان في نسك حج أو عمرة، أما الطواف ففيه الثواب مطلقاً، وفيه النصوص المعروفة ((من طاف أسبوعاً يحصيه كان له بكل خطوةٍ حسنة)) المقصود أن فيه ثواب، فيقول: بدلاً من أن أجوب الأسواق رايح وجاي، والناس وش بك؟ وأين تبي؟ وين أنت رايح؟ وواحد اللي يوقفه يبي يشيله لا، بدون إحراج، باروح إلى المطاف وما شاء الله آخذ لي أسبوع أسبوعين ثلاثة، نقول: نعم، عدولك عن المشي المباح إلى المشي المستحب فيه ثواب؛ لكن يبقى أن الباعث يختلف، فليس ثوابه ثواب من عمل العبادة خالصاً لوجه الله تعالى.
((يدع شهوته وطعامه من أجلي)) شهوته يدخل فيها الجماع وما دونه مما يفطر، مما اشتمل على الشهوة، وبهذا يستدل من يقول: أن مجرد خروج المذي ما يفطر؛ لأنه ليس فيه شهوة، على كل حال الجماع مفطر إجماعاً، وفيه كفارة، والطعام أيضاً مفطر إلا إذا كان ناسياً فإنما أطعمه الله وسقاه، من أجل الله -جل وعلا- وطلباً في رضاه.