مالك -رحمه الله تعالى- يقول: لا المسلمون على شروطهم؛ لأن المقترض قد يتضرر، اقترض منك عشرة آلاف تصرف بها، فأنت تلجئه إلى ما فيه ضرر عليه، ((والمسلمون على شروطهم)) وهذا يرجحه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، المسلمون على شروطهم.
قلت: مثل هذا في القروض المؤجلة ذات الأمد الطويل، لو احتاج المقرض مثلاً هل له أن يلزم المقترض؟ صندوق التنمية العقاري وغيره وكذا، ناس قدموا على هذا القرض على أساس أنه على خمسة وعشرين سنة، فهل للدولة أن تلزم الناس بالدفع فوراً؟ على الخلاف؛ لكن الذي رجحه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: المسلمون على شروطهم؛ لأنه يتضرر المقترض بهذا، وينقلب الإحسان إساءة، وحينئذٍ يكون هذا القرض على خلاف الهدف الشرعي من القرض وهو الإحسان.
الحديث الأربعون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَطْل الغنيِّ ظلم، وإذا أُتْبع أحدكم على مَلِئٍ فليَتْبع)) [متفق عليه].
هذا الحديث يقول فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مطل الغني ظلم)) وفي لفظ: ((لي الواجد ظلم، يبيح عرضه وعقوبته)) مطل الغني: يعني تأجير التسديد من قبل الغني للدائن ظلم، والظلم كما تقدم ظلمات يوم القيامة، تجد الأموال عنده والأرصدة في البنوك فإذا جاء الدائن تأتينا بعد شهر -إن شاء الله-، إذا جاء بعد شهر قال: اصبر أسبوع، اصبر عشرة أيام، اصبر شهر ثاني، وهكذا، هذا لا يجوز حرام؛ لأنه ظلم، فلا يجوز للملي –الغني- أن يماطل بدفع الدين، بل عليه أن يسارع لإبراء ذمته، ولو لم يحضر صاحب الدين، إذا كان حالاً فهذا الظلم يجعل مثل هذا المطل محرم، وجاءت الأحاديث الأخرى أنه يبيح العرض والعقوبة، بحيث إذا رفع أمره إلى الإمام يعزر حتى يدفع؛ لكن ليس للشخص الممطول أن يعاقبه، يضربه أو يعتدي عليه، لا؛ لأن العقوبات منوطة بولي الأمر، وإلا صارت المسألة فوضى، عليه أن يرفع أمره إلى ولي الأمر فيعزره على هذا.