((وقنعه الله بما آتاه)) رجل يكفيه في الشهر خمسة آلاف، ودخله خمسة آلاف بحيث إذا انتهى الشهر انتهى من غير زيادة ولا نقصان، ثم الشهر الثاني كذلك، والثالث كذلك؛ لكن إن كان يكفيه من غير زيادة ولا نقصان بحيث لا يحتاج إلى الناس؛ لكن الإشكال إذا كان يتبع نفسه أموال الآخرين، هذا عنده مليون، هذا عنده مليونين، وهذا عنده عشرة، وفلان عنده كذا، إذا لم يقنع بما آتاه الله -جل وعلا- هذا فقير؛ لأن الغنى غنا القلب، إذا أودع هذا القلب الغنى وأحس بهذه النعمة يرتاح، وإلا ثم ماذا؟ لو كان من أغنى الناس ويتلهف، أعطي وادي من ذهب ويريد ثاني وثالث؟ وبعدين؟ هذا يستمر فقيراً؛ لأنه يسعى وراء هذه الدنيا ويلهث كلهث الفقير إذاً ما الفرق؟ لا فرق؛ لكن إذا قنع بما آتاه الله هنا يكمل الغنى؛ لأن الغنى غنى القلب.
الحديث الرابع والسبعون: عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: " جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، عِظْني وأوجز، فقال:((إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودِّع، ولا تَكَلم بكلام تعذر منه غداً، واجمع اليأس مما في أيدي الناس)) [رواه أحمد].
هذا يطلب موعظة مختصرة من النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال:((إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع)) صل صلاة مودع، والمودع يقبل على صلاته، لا شك أنه إذا عرف أن هذه الصلاة هي آخر ما يمثل بين يدي ربه -جل وعلا- لا شك أنه سوف يتقنها ويحسنها؛ لأن الأعمال بالخواتيم، فإذا صلى صلاة مودع واستحضر أنه لن يعود إلى الصلاة مرةً أخرى لا شك أن ذلك يبعثه على إحسانها وإتقانها، ((ولا تتكلم بكلامٍ تعتذر منه غداً)) يعني حاسب نفسك، وتأكد من سلامة الكلام الذي تنطق به، بحيث لا تتكلم بكلامٍ لا تحسب له حساب، ثم تضطر غداً إلى أن تعتذر منه، وهذا معروف أنه في الكلام الباطل هو الذي يعتذر منه، وأما الكلام الحق فلا عذر منه، وقل مثل هذا فيما يكتب.
فلا تكتب بكفك غير شيءٍ ... يسرك في القيامة أن تراه