هذا الحديث يبين أن الناس عددهم كثير، كما أن الإبل عدد كثير، وصاحب الإبل تجد عنده مائة رأس من الإبل، ويريد أن يرتحل واحدةً منها لا يكاد يجد واحدة، وما كل الإبل، ما كل الجمال، ما كل النوق تصلح لأن تركب، الراحلة أحياناً تكون واحدة في الذود، في القطيع، في المجموعة، فالناس مثله، تبحث عن شخص يصلح لهذا المنصب تتعب، ومن ولاه أمر المسلمين يجد مشقّة حينما يفقد شخص كفؤ في مكانٍ مناسب يضع مكانه آخر؛ لكن مع ذلك عليه أن يسدد ويقارب، وأن يمحظ النصح للأمة، وأن يختار لهذا العمل أفضل الناس، وأولى من يقوم به، لماذا؟ لأنه إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة، نعم كثير من الأعمال قد يصعب أن تجد من تتوافر فيه الشروط، انزل درجة، لأنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فالناس كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كالإبل المائة)) يعني تبحث في مجموعة، بلد كامل تريد أمير عليهم قد لا تجد، تجيب لهم أمير من غيرهم، تجد قاضي من هذا البلد، قد لا تجده، تأتي من بلدٍ آخر، هذا لا تتوافر في الشروط، هذا ما يصلح، هذا اختل فيه شرط هذا كذا؛ لكن عليه أن يسعى جاهداً في اختيار الأصلح، لمن يصلح لأمور الناس، ويصلح شؤون الناس، ويسير أمور الناس، ويقيم حدود الله -جل وعلا- في الناس، فإذا تعدينا مثل هذا، وعيّن غير الأكفأ فقد وسد الأمر إلى غير أهله، وهذا لا يجوز بحال؛ لكن إذا لم نجد من تتوافر فيه الشروط ننزل في الشروط، اتقوا الله ما استطعتم.
الحديث التاسع والتسعون: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر)) [رواه الترمذي].