أن ننزل الناس منازلهم، فلا إفراط ولا تفريط، نعم من أهل العلم من أهل الخير من أهل الفضل، من أهل الصلاح، فلا نذمهم ونبين مثالبهم أمام العامة، ولا نغلو بهم ونمدحهم أكثر من واقعهم فنغرر بهم.
((وعامتهم)) وعامة المسلمين المراد من سوى من ذكر هؤلاء تبذل لهم النصيحة، يوجهون، يسددون، يبين لهم ما يحتاجون من أحكام في العبادات، في المعاملات، في الأمور التي يحتاجونها، وهذا من نصيحتهم، إذا وجد مخالفة عند شخص بينت له بالأسلوب المناسب، إذا استشارك في أمرٍ من أموره الخاصة تمحضه النصيحة، وتحب له ما تحب لنفسك، ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) هناك مسائل جزئية قد تحب لفلان ما لا تحبه لنفسك، وقد تنصح فلاناً نظراً لمصلحة العامة، وإن كان ليس في مصلحته الخاصة، مثال ذلك شخص جاءك شخص من زملائك أو من طلابك، يقول: أنا والله رشحت للوظيفة الفلانية، ورشحت للقضاء، الفرار من القضاء التحذير من القضاء، القضاء مزلة قدم هذا ثابت ومعروف مسألة هذه الأمة؛ لكن إذا دعاك شخص أنت لا ترضى القضاء بنفسك، فهل تقول: أنا ما أرضى القضاء لنفسي لا أرضاه لك، والأمة مضطرة إلى وجود قضاة؟ هنا نرجح المصلحة العامة فنقول: لا يا أخي هذا يتعين هذا لا بد منه، إن لم يقم به أنت وأمثالك من يقوم به؟ إذا كان كفءً لذلك تقدم المصلحة العامة على مصلحته، إذا لم يكن كفءً لذلك فلا تقدم مصلحته على مصلحة العامة، لو جاء شخص فرح وعينته بالقضاء، دين ودنيا، وترى مصلحة الأمة لا يتولى مثل هذا تمحضه النصيحة، يا أخي السلف ضربوا على القضاء ما قبلوا، أئمة الإسلام كلهم هربوا من القضاء وتركوا القضاء، فالنصيحة قد تختلف من شخصٍ إلى آخر، فهذا ينصح بالقضاء وهذا يحذر من القضاء نظراً للمصلحة العامة، فهذا أيضاً وإن كان فيه من جهة عدم نصح له إلا أن في نصح للعامة، لعامة المسلمين وللأئمة بكاملها، وهو أيضاً نصح له إذا لم يكن كفءً لذلك.
والحديث الكلام فيه يطول جداً؛ لأنه يمكن أن ينتظم جميع الأبواب أيضاً، يمكن إدخال جميع الأبواب تحت حديث (الدين النصيحة) لأن الدين يشمل خصال الدين كلها، الإسلام والإيمان والإحسان، يشمل الأعمال الظاهرة والباطنة، يشمل ما يتعلق بالخالق وما يتعلق بالمخلوق، المقصود أن فيه من العموم والشمول ما يجعلنا نقتصر على هذا القدر، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا ومحمد وعلى آله وصحبه أجمعين.