يقول -رحمه الله تعالى-: الحديث الرابع: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:"أتى أعرابي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "دُلَّني على عمل إذا عملته دخلت الجنة" هو يريد الجنة، ويريد أقرب طريق يوصل إلى الجنة، قال:((تعبد الله ولا تشرك به شيئاً)) توحد الله -جل وعلا-، لا تشرك معه في أي نوع من أنواع العبادة معه شيئاً، تعبد الله، تحقق الهدف الشرعي من وجودك {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات] ((ولا تشرك به شيئاً)) لأنك قد تأتي بجميع أنواع العبادة وتصرف شيئاً منها لغيره فلا تنفعك حينئذٍ، وهذا هو معنى كلمة التوحيد، لا إله إلا الله، كلمة الإخلاص، تعبد الله هو معنى المثبت (إلا الله)، ولا تشرك به شيئاً هو معنى المنفي في كلمة التوحيد (لا إله) وكلمة التوحيد هي أعظم كلمة، أعظم مشهودٍ عليه، {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ} [(١٨) سورة آل عمران] شهدوا على هذه الكلمة التي هي أعظم مشهودٍ به، وشهد عليها أعظم الشهود وهو الله -جل وعلا- الخالق، وأعظم الشهود من خلقه الملائكة وأهل العلم، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، الشرك ومنه الأكبر والأصغر والأكبر الذي لا يغفر، الموجب للخلود في النار أمره خطير، والشرك الأصغر أيضاً شأنه عظيم في الشرع، وقد قرر جمع من أهل العلم أن الشرك بنوعيه غير قابل للمغفرة، لعموم قوله تعالى:{إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(٤٨) سورة النساء] (أن يشرك به) يدخل به الشرك الأكبر والأًصغر، فلا بد أن يعذب سواء كان شركه أكبر أو أصغر؛ لكن من كان شركه أكبر يخلد، ومن كان شركه أصغر يعذب بقدر ما اقترف ثم يخرج من النار، وجمع من أهل العلم يرون أن حكم الشرك الأصغر حكمه حكم الكبائر، داخل تحت المشيئة.