بين يديها رجل تتبعه النظرة، وقد أُمر بالغض، تجده يخطط وهو في صلاته لأمورٍ غير محمودة، لماذا؟ لأنها فقدت اللب، وليس معنى هذا أننا نقول: الصلاة هذه بشروطها وأركانها وواجباتها صحيحة، مجزئة مسقطة للطلب لا يؤمر بالإعادة؛ لكن القبول شيء آخر {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(٢٧) سورة المائدة] الآثار المترتبة على هذه العبادة يفقدها الإنسان إذا لم يوجد اللب، الخشوع والخضوع تقف بين يدي الخالق مخبت منيب، ولو امتثلنا هذا ما حصل بيننا ما يحصل، تجد الإنسان في طول أيامه مفرط، تارك للسانه العنان يقول ويجرح ويعدل وفلان وعلان ويغتاب وينم، ثم بعد ذلك يريد أن يوفق لأداء العبادات على الوجه المطلوب، تجده مثلاً يسمع من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) وهو ديدنه الكلام في الناس والغش وسوء المعاملات والرفث والفسوق، ويقول: الحج أربعة أيام لن أتكلم بكلمة، لا يستطيع البتة، لا يمكن أن يحضر حج؛ لأنه لا يعان على هذه الأربعة الأيام، ولم يتعرف على الله -جل وعلا- في الرخاء، هذه أيام شدة لا بد أن يقدم في أيام الرخاء ليعان على الحفظ في أيام الشدة، لا بد، هذا أمر لا بد منه، لا بد أن نجعل هذا نصب أعيننا، تجد كثير من الإخوان فيهم الحفاظ وفيهم الأخيار؛ لكن ما عودوا أنفسهم على نصيب ثابت من كتاب الله -جل وعلا-، يكون ديدناً له في كل يوم ورد يومي لا يتركه سفراً ولا حضراً، ثم بعد ذلك تأتي الأوقات والفرص والمواسم يبي يقرأ القرآن ما يقدر يقرأ، هذا ما تعرف على الله في الرخاء، فنهتم بهذا، نقدم لأنفسنا في أيام الرخاء لنعرف في أوقات الشدة، كثير من الناس نعم صلاة مسقطة مجزئه مسقطة للطلب؛ لكن هل ترتب عليها آثارها؟ والله -جل وعلا- يقول:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(٢٧) سورة المائدة] وليس نفي القبول نفي للصحة، لا، إنما هو نفي للثواب المرتب على الصحة، الصلاة صحيحة ومجزئة، والله المستعان.