الحديث الخامس: عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: "قلت يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسال عنه أحداً بعدك" يعني قول لا يحتاج إلى استفهام، ولا استيضاح، قول مختصر أحفظه وأطبقه، يريد كلام جامع لخير الدنيا والآخرة، قول مختصر وجامع يمكن تصويره وتطبيقه، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قل آمنت بالله ثم استقم)) يعني هل يكفي الشخص أن يقول: آمنت بالله؟ لا بد أن يقول ويفعل، لا بد أن يؤمن بالله -جل وعلا-، يحقق هذه الخصلة العظيمة من خصال الدين وهي الإيمان بالله -جل وعلا-، الذي ربط به صحة الأعمال، ((قل آمنت بالله)) فمعنى هذا آمن الله -جل وعلا-، والإيمان اعتقاد وإقرار وعمل، وبعبارةٍ أخصر: قول وعمل يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فالإيمان اعتقاد بالقلب، وإقرار باللسان وعمل بالأركان، فالإيمان مركب من هذه الأمور الثلاثة، يعتقد الإنسان في قلبه، وينطق بلسانه، ويعمل بأركانه، فلو وقر الإيمان في قلبه، واقتنع به وصدق، وآمن بجميع ما يجب الإيمان به؛ لكنه لم ينطق، ما نطق بالشهادة، هذا مسلم وإلا غير مسلم؟ لا بد من النطق؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ... )) لا بد أن ينطق، وإلا القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب، فقد يقر الإسلام في قلب العبد والإيمان لكنه لا يتمكن من النطق، إن كان لا يتمكن من النطق بسبب آفة أبكم، تكفي منه الإشارة المفهمة؛ لكن إذا كان ينطق، يستطيع أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، هذا لا يقبل منه، ولو عرف من حاله ودلت القرائن على أنه وقر الإيمان في قلبه، ويسأل سائل سؤال قديم يقول: شخص من زملائه في بلد أفريقي هذا مسلم يقول: واحد من زملائي في الجامعة نصراني وعليه مما يلبسون، واقتنع بالإسلام، اقتنع قناعة تامة بقي النطق، قلت له: نذهب إلى الشيخ الفلاني لتعلن إسلامك، فذهبوا إلى الشيخ الفلاني فقال الآن: باقي ربع ساعة على أذان الظهر دعوني حتى أتجهز للصلاة وأصلي، وإذا رجعت -إن شاء الله- تعلن إسلامك، يقول: خرجنا من عند هذا الشخص، وإذا في تبادل إطلاق نار فقتل الرجل، يعني مسألة واقعية، هل ندفنه في مقابر