للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

((وأموالهم)) والأموال كذلك، وجاء الإسلام بحفظ الضرورات الخمس ووجوب المحافظة عليها، ومنها الدماء والأموال، وعلى كل حال هذا أمر بين واضح لعامة المسلمين فضلاً عن خواصهم، وترخص مثل هذه الأمور وتكثر وتفحش وتصعب السيطرة عليها في أوقات الفتن، نسأل الله -جل وعلا- أن يجنبنا وإياكم الفتن، وجميع بلاد المسلمين ما ظهر منها وما بطن، فالفتن إذا زادت صعب السيطرة عليها، قد يقول قائل: كيف توجد مثل هذه الفتن في أفضل القرون ولا يستطيعون أن يسيطروا عليها؟ خليفة المسلمين أمير المؤمنين صاحب السوابق يقتل في بيته وهو صائم قائم لا ينقذه المسلمون؟ نقول: نعم هذا شأن الفتن، أم المؤمنين التي أوصت كل من جاءها فيمن يبايع قالت: تبايع علي بن أبي طالب، ومع ذلك تخرج يوم الجمل، فيقال -كما في الصحيح-: "والله إنها زوجته في الدنيا والآخرة؛ ولكن الله ابتلاكم" فأمور الفتن شأنها عظيم جداً، فكل مسلم عليه ما عليه في المساهمة لا سيما طلاب العلم المساهمة في التخفيف أو القضاء على الفتن بقدر الإمكان، ((على دمائهم وأموالهم)) وزاد البيهقي: ((والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله)) معروف أن الجهاد في النصوص عموماً وحقيقته الشرعية، حقيقته الشرعية بنصوص الكتاب والسنة الذي جاء الثواب العظيم فيه ومن قتل فيه مقبلاً غير مدبر شأنه عظيم أيضاً، وهو شهيد، المقصود به مجاهدة العدو، قتال الأعداء، هذه حقيقته الشرعية في غالب النصوص، وهنا أيضاً من أصل المادة يؤخذ أن من معاني الجهاد جهاد النفس، وجهاد النفس يكون على الطاعة، ويكون أيضاً عن المعصية تجاهد نفسك، وتقهر نفسك، وتمرن نفسك على طاعة الله -جل وعلا- وتأطرها على طاعة الله، وتجتنب محارم الله -جل وعلا-، وحينئذٍ هذا من أعظم أبواب الجهاد، وهذه أيضاً حقيقة شرعية؛ لأن الشارع نطق بها، وقد يكون باللفظ الواحد أكثر من حقيقة شرعية، ويدخل الجهاد، جهاد الأعداء في الجهاد المنصوص عليه هنا دخولاً أولياً، كيف؟ لأنه من طاعة الله، فإذا جاهد نفسه على قتال الأعداء دخل في المجاهد دخولاً أولياً في هذا النص، وقصر العام على بعض أفراده كما هنا لا يقتضي التخصيص، فمجاهدة النفس في طاعة الله فرد من أفراد العموم الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>