ولم يعلم أحد بموتهم إلا بعد مدة، فلا بد من الاجتماع، ولا بد من أن يشدّ المؤمن أزر أخيه المؤمن لا بد أن يقضي حاجة أخيه، لا بد أن يكون بيده مما يحتاجه أخوه والعكس، فالأمة بمجموعها متكاملة، هذا قوي ببدنه يعين، وهذا قوي بماله يعين، وهذا ضعيف يحتاج إلى إعانة، وهذا مريض يحتاج إلى طب، وهذا طبيب يطبب، وهذا معلم يعلم، وهذا متعلم يتعلم، والأمة كلها بهذه الطريقة مشتبكة، وهي كالبنيان، نعم تضع القاعدة ثم تضع اللبِن وتجعل ما يربط هذه اللبنة بالأخرى حتى يشتد البنيان، والترابط القوي المتين لا شك أنه يؤهل للعيش المتين القوي المستمر بإذن الله تعالى، لأنكم تجدون في البنايات القديمة من الطين والبن مئات السنين مترابطة؛ لكن لو شيدت لبنة واحدة فوق الأخرى بدون ترابط ما جلست ولا شهر، تجدون بعض الأبنية صروح عالية من الطين، ولا اسمنت ولا حديد وتضربها السيول قرون ومع ذلك ثابتة وباقية؛ لأنها يشد بعضها بعضاً، وهكذا حال المسلم والمؤمن ينبغي أن يكون عوناً لأخيه، غوثاً للمحتاجين، باذل، ولذا جاء مدح البذل والإحسان بينما جاء ذم الشح والبخل على الإنسان أن يبذل من بدنه لإعانة الآخرين ((من كان له فضل ظهر فليجد به على من لا ظهر له)) إذا كان يحسن شيء يحتاجه أخوه يقدم له، كثير من الناس يستصعب بعض الأشياء السهلة تدخل عند جارك، جارك ما يحسن شيء أخرق ما يحسن شيء عنده فيش بس يبي ربط، وأنت معك مفك اربطه وينتهي الإشكال، بينما نجد الآن يسود في دنيا الناس اليوم وهو موجود بين المسلمين مع الأسف الشديد العكس، يأتي صاحب السيارة، يجيب سيارته المسكين سطحة للورشة يشوفها المهندس يرى أن المسألة مسألة ربط سلك بسلك لا تأخذ ولا دقيقة ولا تكلفه شيء، يقول: السيارة تحتاج إلى أسبوع شغل؛ لأنه لو ربط سلك وقال: هات عشر ريالات، قال: والله على شان إيش عشر ريال؟ لكن لما يقول له: بعد أسبوع يجي يركنها ثم يربط هالسلك يقول: هات خمسمائة ريال، ويعطيه خمسمائة ريال والشكوى إلى الله، وفي الأصل أن مثل هذه الأمور يربط السلك وينتهي الإشكال، هذا إذا كان البناء مترابطاً، لكن الإشكال أن الناس سادهم الآن الشح والحسد والأنانية، كل شيء يريده لنفسه، ولا