للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث السادس عشر: وعن أبي حرمة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ضار ضار الله به، ومن شاق شاق الله عليه)) الجزاء من جنس العمل، ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليه فاشقق عليه، من رفق بهم فارفق بهم)) هذه قاعدة مضطردة في الشرع: الجزاء من جنس العمل، الذي يعفو عن الناس ويسامحهم يعامل بالعفو والمسامحة، الذي يأخذ حقه بالقطمير يعامل بهذه المعاملة، وحديث الرجل من بني إسرائيل الذي كان يداين الناس معروف في الصحيح، والله -جل وعلا- أحق بالعفو، فمن آذى الناس وضار بالناس ضار الله به، وشق على الناس يشق الله عليه، من يسر على الناس يسر الله أمره في الدنيا، من يسر على معسر من أنظر معسراً، من أقال نادماً، نصوص كثيرة تدل على هذا الأصل العظيم، وأن الله -جل وعلا- أحق بالعفو من الخلق؛ لكن قد يفهم بعض الناس أن هذا عام فيمن يستحق الضرر ومن لا يستحق الضرر، لا شك أن هذا فيمن لا يستحق الضرر، أما من يستحق الضرر من الجناة لا بد أن يضار، يعني بالمقابل فإذا بلغت الحدود السلطان فإن عفا فلا عفا الله عنه؛ لأن هذه الأمور أمور شرعية حدود شرعت لتحقق أهداف، وليس معنى هذا أننا نعطل الحدود من أجل أن لا نقع في مثل هذا، جزاء {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(٤٠) سورة الشورى] والمماثلة في العقوبات شرعية، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ماثل في القوم من عكل أو عرينة الذين اجتووا المدينة فأمر لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بما أمر، قتلوا الراعي، وسملوا عينيه، فعل بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- مثل ما فعلوا، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(١٢٦) سورة النحل] لا نقول: أن هذا ضار، لا، هذا بفعله هذا وإن كان ضرراً على هذا الذي تسبب على نفسه بالضرر إلا أنه يردع غيره، ولذا جاء في قوله -جل وعلا-: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [(١٧٩) سورة البقرة] يعني شخص يقتل آخر فتقول: يا أخي إراقة دم مسلم اتركه، بدل ما نخسر اثنين خلينا نخسر واحد، نقول: لا يا أخي أنت لو ما خسرت هذا الواحد خسرت آلاف، من الذي يردع الثاني والثالث

<<  <  ج: ص:  >  >>