عن أبي ذر جندب بن جنادة الغفاري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اتق الله حيثما كنت)) الأمر بالتقوى التي هي وصية الله للأولين والآخرين، بالتقوى، والتقوى أصلها من الوقاية، بأن تجعل الله بينك وبين عذاب الله ما يقيك منه، وذلك بفعل المأمور وترك المحظور، تفعل ما أمرك الله به، وتجتنب ما نهاك الله عنه، هذه هي التقوى، فعل المأمورات وترك المحظورات، حيثما كنت، في أي مكانٍ كنت، سواء كنت بين الناس أو كنت خالياً منفرداً، وسواء كنت في بلدٍ أو في آخر؛ لأنه مع الأسف يوجد بعض الناس من يظهر عليه آثار الاستقامة والالتزام في بلد ثم إذا سافر إلى بلدٍ آخر تنصل من هذه الأمور، والله -جل وعلا- هو الرب، هو المعبود في كل مكان، ((فاتق الله حينما كنت)) ونحن مأمورون بأن يكون السر كالعلانية، وأن تكون الحضرة كالغيبة، وإلا فالمسألة رياء، إذا كان الإنسان يتزين أمام الناس ويتنسك ثم إذا خرج وخلا بنفسه ارتكب ما ارتكب من محارم الله ما امتثل، ما اتق الله حينما كان، ((اتق الله حينما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [(١١٤) سورة هود] فإذا عمل غفل الإنسان وأخل بالتقوى وارتكب بعض المحرمات عليه أن يبادر بالتوبة بشروطها، والتوبة تهدم ما كان قبلها، وعليه أيضاً أن يتبعها حسنة تمحها، تمحوا أثرها؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات، والرجل الذي حصل منه ما حصل من تقبيل المرأة الأجنبية، جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم صلى معه، قال:((هل صليت معنا؟ )) قال: نعم، قال:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [(١١٤) سورة هود] وليس معنى هذا أنه فتح باب للناس أو للإنسان أن يرتكب السيئات ثم بعد ذلك يتبعه الحسنات وأتوب منها؟ ما الذي يضمن أن تعيش إلى أن تفعل حسنة تمحها؟ أولاً: مثل هذا خاص بالصغائر، أما الكبائر لا بد لها من توبة، لا بد لها من توبة الكبائر، أما إتباعها بالحسنة فلا، كما سيأتي في حديث:((الصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما لم تغش كبيرة)) ((ما اجتنبت الكبائر)) لا بد من هذا القيد،