هذه الأسباب لإجابة الدعاء لم تُجْدِ شيئًا لكون مطعمه حرامًا وملبسه حرامًا وغذِّي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلّم:«فأنى يستجاب لذلك» فهذه الشروط لإجابة الدعاء إذا لم تتوافر فإن الإجابة تبدو بعيدة، فإذا توافرت ولم يستجب الله للداعي فإنما ذلك لحكمة يعلمها الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ولا يعلمها هذا الداعي فعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم وإذا تمت هذه الشروط ولم يستجب الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فإنه إما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن يدخرها له يوم القيامة فيوفيه الأجر أكثر وأكثر؛ لأن هذا الداعي الذي دعا بتوفر الشروط ولم يستجب له ولم يصرف عنه من السوء ما هو أعظم يكون قد فعل الأسباب ومُنِعَ الجواب لحكمة فيعطى الأجر مرتين: مرة على دعائه ومرة على مصيبته بعدم الإجابة فيدخر له عند الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ما هو أعظم وأكمل. ثم إن المهم أيضًا أن لا يستبطىء الإنسان الإجابة فإن هذا من أسباب منع الإجابة كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم:«يستجاب لأحدكم ما لم يعجل قالوا: كيف يعجل يا رسول الله؟ قال: يقول: دعوت ودعوت ودعوت فلم يستجب لي»(١) فلا ينبغي للإنسان أن يستبطىئ الإجابة فيستحسر عن الدعاء ويَدَع الدعاء بل يلح في الدعاء فإن كل دعوة تدعو بها الله عزَّ وجلَّ فإنها عبادة تقربك إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وتزيدك أجرًا فعليك يا أخي بدعاء الله ـ عزَّ وجلَّ ـ في كل أمورك العامة والخاصة الشديدة واليسيرة ولو لم يكن من الدعاء إلا أنه عبادة لله سبحانه وتعالى لكان جديرًا بالمرء أن يحرص عليه، والله الموفق.
(١) رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب يستجاب للعبد ما لم يعجل، رقم (٠٤٣٦) ، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء ... ، باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل ... ، رقم (٥٣٧٢) .