يُصِيبَكُمْ عذاب العاجلة {مِثْلُ مَا أَصَابَ} [هود: ٨٩] من قبلكم، والمعنى: لا تخالفوني فتستحقوا العذاب والهلاك كما استحق غيركم من الأمم بمخالفتهم أنبياءهم، وقوله: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود: ٨٩] قال قتادة: أي: في الزمان الذي بينكم وبينهم.
قال الزجاج: وكان إهلاك قوم لوط أقرب الإهلاكات التي عرفوها فكأنه قال لهم: العظة في قوم لوط قريبة منكم.
وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ اطلبوا منه المغفرة وتوسلوا إليه بالتوبة، وهو قوله: {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ} [هود: ٩٠] بمن تاب إليه وَدُودٌ قال ابن الأنباري: الودود في أسماء الله تعالى المحب لعباده من قولهم: وددت أود ودا وودودا وودادة.
وقال الأزهري حاكيا عن بعض أهل اللغة: إن الودود يجوز أن يكون بمعنى المودود، ومعناه: أن عبادة المؤمنين يودونه ويحبونه لما عرفوا من فضله وإحسانه إليهم.
قوله: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ} [هود: ٩١] ما نفهم {كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} [هود: ٩١] قال ابن الأنباري: معناه: ما نفقه صحة كثير مما تقول، يعنون من التوحيد والبعث وما يأمرهم به من الزكاة وترك البخس {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} [هود: ٩١] قال سعيد بن جبير، وقتادة: أعمى.
وهو قول ابن عباس، قال الزجاج: لغة حمير تسمى الضرير ضعيفا، لأنه ضعف بذهاب بصره.
قوله: وَلَوْلا رَهْطُكَ عشيرتك وقومك لَرَجَمْنَاكَ قتلناك، قال الزجاج: والرجم من شر القتلات، وكان رهط شعيب من أهل ملتهم، فلذلك أظهروا إليهم.
{وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: ٩١] أي: لست بممتنع علينا من أن نقتلك لولا ما نراعي من حق عشيرتك، {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ} [هود: ٩٢] يقول: أنتم تزعمون أنكم تتركون قتلي إكراما لرهطي، والله عز وجل أولى بأن يتبع أمره، كأنه يقول: حفظكم إياي في الله أولى منه في رهطي.
قوله: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: ٩٢] الظهري: الشيء الذي تنساه وتغفل عنه، قال ابن عباس: يريد ألقيتموه خلف ظهوركم وامتنعتم من قتلي مخافة قومي والله أعز وأكبر من جميع خلقه.
وقال الفراء: يعني: تعظمون أمر رهطي وتتركون أن تعظموا الله وتخافوه.
{إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [هود: ٩٢] عالم بأعمالكم وهو يجازيكم بها، وما بعد هذا تقدم تفسيره إلى قوله: {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} [هود: ٩٣] قال ابن عباس: ارتقبوا العذاب إني مرتقب من الله الرحمة والثواب.
قوله: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: ٩٤] صاح بهم جبريل صيحة فماتوا في أمكنتهم، {أَلا بُعْدًا لِمَدْيَنَ} [هود: ٩٥] أي: بعدوا من رحمة الله {كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود: ٩٥] قال ابن الأنباري: العرب تقول: بعد الطريق يبعد، وبعد الميت يبعد.
إذا هلك والمصدر فيها البعد.