الدنيا لَعْنَةً ألحقوا في الدنيا لعنة وهي الغرق وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يعني: ولعنة يوم القيامة وهي عذاب الآخرة، {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ}[هود: ٩٩] قال قتادة: ترافدت عليهم لعنتان من الله لعنة الدنيا ولعنة الآخرة.
وقال مجاهد: رفدوا يوم القيامة بلعنة أخرى زيدوها، فتانك لعنتان.
وسأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله:{بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ}[هود: ٩٩] قال: هو اللعنة بعد اللعنة.
قال الزجاج: وكل شيء جعلته عونا لشيء فقد رفدته.
قال الضحاك: اللعنتان اللتان أصابتهم رفدت إحداهما الأخرى.
قوله:{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ {١٠٠} وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ {١٠١} وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ {١٠٢} } [هود: ١٠٠-١٠٢] ذَلِكَ يعني ما تقدم من الخبر {مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى}[هود: ١٠٠] من أخبار القرى الهالكة نَقُصُّهُ عَلَيْكَ نخبرك بها مِنْهَا قَائِمٌ بقيت حيطانه وَحَصِيدٌ أي: ومنها حصيد مخسوف به قد انمحى أثره، وقال ابن عباس: قائم ينظرون إليه وإلى ما بقى من أثره، وحصيد قد خرب ولم يبق له أثر، شبهه بالزرع إذا حصد.
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ بالعذاب والإهلاك {وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}[هود: ١٠١] بالكفر والمعصية {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ}[هود: ١٠١] أي: ما نفعتهم وما دفعت عنهم شيئا {لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ}[هود: ١٠١] بالهلاك والعذاب {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ}[هود: ١٠١] غير خسار وهلاك، قال ابن الأنباري: إنهم ادعوا أن عبادتها تنفعهم عند الله، فلما جرى الأمر بخلاف ما قدروا وصفها الله تعالى بأنها زادتهم بلاء وهلاكا.
قوله: وَكَذَلِكَ أي: وكما ذكر من إهلاك الأمم وأخذهم بالعذاب {أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى}[هود: ١٠٢] ومعنى أخذ القرى أخذ أهلها، وهو أن ينقلهم إلى العقوبة والهلاك، وقوله: وَهِيَ ظَالِمَةٌ من صفة القرى وهو في الحقيقة لأهلها وسكانها، ونحو هذا قوله:{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً}[الأنبياء: ١١] .