وقال الكلبي: قل لا أسألكم على الإيمان جعلا، إلا أن تودوا أقاربي، حث الله تعالى الناس عن ذوي قرابته.
وعلى الأقوال كلها قول: إلا المودة استثناء ليس من الأول، وليس المعنى أسألكم المودة في القربى، لأن الأنبياء عليهم السلام لا يسألون أجرا على تبليغ الرسالة، والمعنى: ولكني أذكركم المودة في القربى، وأذكركم قرابتي منكم، وغلط من قال: إن هذه الآية نسخت، بقوله:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}[سبأ: ٤٧] ، وقوله:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ}[الفرقان: ٥٧] لأنه لا يصح أن يقال: نسخت مودة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكف الأذى عنه لأجل قرابته، ولا مودة آله وأقاربه، ولا التقرب إلى الله بالطاعة، ومن ادعى النسخ، توهم أن الاستثناء متصل، ورأى إبطال الأجر في هاتين الآيتين، وليس الأمر على ذلك، فإن الاستثناء منقطع، ولا تنافي بين هذه الآية، والآيتين الأخرتين، وقوله:{وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً}[الشورى: ٢٣] قال مقاتل: يكتسب حسنة واحدة.
أم يقولون بل أيقولون، يعنى: كفار مكة، {افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}[الشورى: ٢٤] حين زعم أن القرآن من عند الله، {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ}[الشورى: ٢٤] يربط على قلبك، بالصبر على أذاهم، حتى لا يشق عليك قولهم: إنه مفتر.
ثم أخبر أنه يذهب ما يقولونه باطلا، فقال:{وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ}[الشورى: ٢٤] أي: الإسلام، بكلماته بما أنزله من كتابه، وقد فعل الله ذلك، فأزهق باطلهم، وأعلى كلمة الإسلام، {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الشورى: ٢٤] بما في قلوب خلقه.
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}[الشورى: ٢٥] قال ابن عباس: يريد أولياءه، وأهل طاعته.
{وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}[الشورى: ٢٥] من خير وشر، ومن قرأ بالتاء فهو خطاب للمشركين، وتهديد لهم.