السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {١٨٨} } [الأعراف: ١٨٧-١٨٨] قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} [الأعراف: ١٨٧] قال الحسن، وقتادة: هم قريش قالت لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أسر إلينا متى الساعة.
قال الزجاج: الساعة ههنا الساعة التي يموت فيها الخلق.
أيان مرساها متى يقع إثباتها، ومعنى أيان: الاستفهام عن الوقت الذي لم يجئ، والمرسى ههنا مصدر بمعنى الإرساء وهو الإثبات، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا} [الأعراف: ١٨٧] أي: العلم بوقتها ووقوعها، {عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا} [الأعراف: ١٨٧] لا يظهرها في وقتها إلا هو والتجلية: إظهار الشيء، وقوله {ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: ١٨٧] قال ابن عباس: ثقلت على أهل السموات وأهل الأرض.
يريد: كلهم خائفون منها المحسن والمسيء، {لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً} [الأعراف: ١٨٧] فجأة على غفلة منكم وذلك أشد لها.
٣٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ السَّرَّاجُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْكَعْبِيُّ، أنا حَمْدَانُ بْنُ صَالِحٍ الأَشَجُّ، نا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى رَجُلٍ فِي فِيهِ لُقْمَةٌ فَلا يَلُوكُهَا وَلا يُسِيغُهَا، وَعَلَى رَجُلَيْنِ قَدْ نَشَرَا بَيْنَهُمَا ثَوْبًا فَلا يَتَبَايَعَانِهِ وَلا يَطْوِيَانِهِ»
وقوله: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} [الأعراف: ١٨٧] تقديره: يسألونك عنها كأنك حفي بها ثم حذف الجار والمجرور، وحفي من الإحفاء وهو الإلحاح في السؤال، والمعنى: كأنك عالم بها، أكثرت المسألة عنها.
وهذا قول مجاهد، والضحاك، وابن زيد، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٨٧] أنه عند الله حين سألوا محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما لم أطلعه عليه، وقوله: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا} [الأعراف: ١٨٨] الآية: قال الكلبي: حين نزلت قال أهل مكة: يا محمد ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو، فشتري من الرخيص لتربح عليه عند الغلاء، وبالأرض التي تريد أن تجدب فترحل منها؟ فأنزل الله تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا} [الأعراف: ١٨٨] الآية، أي: اجتلاب نفع بأن أربح، ولا ضرا أي: دفع ضر بأن ارتحل من الأرض قبل أن تجدب إلا ما شاء الله أن أملكه، {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [الأعراف: ١٨٨] ما يكون قبل أن يكون، {لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [الأعراف: ١٨٨] لادخرت في زمان الخصب لزمان الجدب، {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [الأعراف: ١٨٨] وما أصابني الضرر والفقر، إن أنا ما أنا إلا نذير: قال ابن عباس: لمن لا يصدق بما جئت به.
{وَبَشِيرٌ} [الأعراف: ١٨٨] لمن اتبعني وآمن بي.
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ {١٨٩} فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {١٩٠} أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ {١٩١} وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ {١٩٢} وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ {١٩٣} } [الأعراف: ١٨٩-١٩٣] وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأعراف: ١٨٩] يعني آدم، {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: ١٨٩] ليأنس بها ويأوي إليها، فلما تغشاها جامعها، قال الزجاج: كنى أحسن الكناية.
والغشيان: إتيان الرجل امرأته، وقد غشيها وتغشاها إذا علاها، وقوله: {حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا} [الأعراف: ١٨٩] يعني النطفة والمني، فمرت به بذلك الحمل الخفيف أي: قامت وقعدت، لم يثقلها، فلما أثقلت: صارت إلى حال الثقل ودنت ولادتها، {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} [الأعراف: ١٨٩] يعني حواء وآدم: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} [الأعراف: ١٨٩] بشرا سويا مثلنا، {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: ١٨٩] لك على ذلك.
{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: ١٩٠] قال المفسرون: لما حملت حواء أتاها إبليس في غير صورته التي عرفته، فقال لها: ما الذي في بطنك؟ قالت: ما أدري.
قال: إني أخاف أن يكون بهيمة أو كلبا أو خنزيرا وما يدريك من أين يخرج؟ أمن دبرك فيقتلك؟ أم ينشق بطنك؟ فخافت