حواء فذكرت ذلك لآدم، فلم يزالا في هم من ذلك ثم أتاهما، وقال لها: إن سألت الله أن يجعله خلقا آخر سويا مثلك، ويسهل عليك خروجه حتى تلقيه من بطنك سهلا أتسمينه: عبد الحارث، ولم يزل بها حتى غرها، فلما ولدت ولدا سوى الخلق سمته: عبد الحارث، برضا آدم وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث، فذلك قوله:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ}[الأعراف: ١٩٠] أي: لله شركاء يعني: إبليس، فأوقع الجميع موقع الواحد، أراد: جعلا له شريكا إذ سمياه عبد الحارث، ولا ينبغي أن يكون عبدا إلا لله.
وقد روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«خدعهما مرتين، خدعهما في الجنة وخدعهما في الأرض» .
قال قتادة: أشركا في الاسم ولم يشركا في العبادة.
ويعني أنهما لم يذهبا إلى أن الحارث ربهما، لكنهما قصدا إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامة أمه، وقد يطلق اسم العبد على من لا يراد به أنه مملوك كما قال الشاعر:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا
وقرأ نافع: شِركا بكسر الشين ووجهه: أنه حذف المضاف بتقدير: جعلا له ذا شرك، أي: شريكا، وتم الكلام ثم عاد إلى الخبر عن الكفار، ونزه نفسه عن إشراكهم فقال:{فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الأعراف: ١٩٠] قال ابن عباس: يريد: أهل مكة.
وهذا قول مقاتل، والسدي، ثم أنكر عليهم فقال: أيشركون بالله في العبادة، {مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا}[الأعراف: ١٩١] يعني: الأصنام، وهم يخلقون يريد: وهم مخلوقون.
{وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا}[الأعراف: ١٩٢] قال ابن عباس: إن الأصنام لا تنصر من أطاعها، {وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}[الأعراف: ١٩٢] قال الحسن: لا يدفعون عن أنفسهم مكروه من أرادهم بشر أو نحوه، ثم خاطب المؤمنين فقال:{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى}[الأعراف: ١٩٣] وإن تدعوا المشركين إلى الإسلام، لا يتبعوكم، وقرأ نافع بالتخفيف، وهما لغتان: اتبعه وتبعه تبعا.
{سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ}[الأعراف: ١٩٣] إلى الدين وعبادة الله، {أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ}[الأعراف: ١٩٣] أي: صمتُّم عن ذلك الدعاء، لتركهم الانقياد للحق، وهذا كقوله:{وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}[يس: ١٠] .