للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصْحَابُ: يَجُوزُ الْمُرُورُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَصِرْ بِهِ طَرِيقًا لِلنَّاسِ، قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ الْجَوَازَ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِالْمُرُورِ فِيهِ (فَيُحْدَثُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَإِذَا كَانَ الدَّرْبُ مِلْكًا لِأَهْلِهِ فَيَحُوزُ أَنْ يُحْدَثَ فِيهِ (الرَّفْرَفُ، وَالْمُجَنَّحُ) أَيْ الْجَنَاحُ (وَيُعْرَشُ) فِيهِ (الْغُصْنُ) بِأَنْ يُجْعَلَ فِيهِ لِلْغُصْنِ عَرِيشٌ كَعَرِيشِ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ (وَبَابٌ يُفْتَحُ) أَيْ وَيُفْتَحُ فِيهِ بَابٌ (بِإِذْنِ مَنْ هَذَا الَّذِي قُلْنَا بِهِ) مِنْ الْمُحْدَثَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ إنَّمَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الدَّرْبِ وَلِبَعْضِهِمْ إحْدَاثُ الْمَذْكُورَاتِ بِإِذْنِ مَنْ هِيَ (مَا بَيْنَ رَأْسِ سِكَّةٍ وَبَابِهِ) فَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ إذْ تَصَرُّفُ الشَّرِيكِ فِي الْمُشْتَرَكِ إنَّمَا يَجُوزُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ كَمَا سَيَأْتِي (لَا إذْنِ) أَيْ لَا بِإِذْنِ (شَخْصٍ بَابُ دَارِهِ وُجِدْ مَا بَيْنَ رَأْسِ سِكَّةٍ، وَالْمُسْتَجِدْ) أَيْ الْمُحْدَثِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ فِي مَوَاضِعِهَا وَأُلْحِقَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ مَنْ بَابُهُ مُقَابِلٌ لَهَا فَلَا مَنْعَ لَهُ.

وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْمُقَابِلَ لَهَا مُشَارِكٌ فِي الْقَدْرِ الَّذِي وُضِعَتْ فِيهِ فَلَهُ الْمَنْعُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ

ــ

[حاشية العبادي]

الرَّافِعِيِّ لَا مِنْ كَلَامِهِمْ

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَخْ) أَقُولُ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ الْمَالِكُ إنْ تَضَرَّرَ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ مَنْعُهُ كَمَا فِي الْإِسْنَادِ وَالِاسْتِنَادِ الْآتِيَيْنِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِي: فَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ، يَقْتَضِي اعْتِبَارَ مَنْعِهِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْإِسْنَادِ وَالِاسْتِنَادِ وَهَذِهِ الْأُمُورِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِيهَا ضَعِيفٌ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لَا بِإِذْنِ شَخْصٍ بَابُ دَارِهِ وُجِدْ مَا بَيْنَ رَأْسِ سِكَّةٍ، وَالْمُسْتَجِدْ) قَضِيَّةُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَفْتُوحُ فِي جِهَةِ سُفْلِ الدَّرْبِ أَنَّ الَّذِي بَيْنَ الْبَابَيْنِ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ الْمَنْعُ جَزْمًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي مُقَابِلِ الْبَابِ الْأَوَّلِ، فَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ وَالشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي فَرَضَ مَسْأَلَةَ الْإِمَامِ الْمَذْكُورَةَ فِي الَّذِي يُقَابِلُ الْجَدِيدَ وَعُذْرُهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ بِحَاصِلِ مَا قَرَّرْته وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فَلِمَنْ بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ جَزْمًا وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ عَقِبَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَلِشُرَكَائِهِ مَنْعُهُ

وَشُرَكَاؤُهُ مِنْ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ الْأَوَّلِ بَيْنَ رَأْسِ السِّكَّةِ وَدَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ بَابِهِ مُقَابِلُ الْأَوَّلِ لَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ كَمَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى رَأْسِ السِّكَّةِ. قَالَ: الْإِمَامُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. اهـ. وَالْمَشْيُ الَّذِي وَقَعَ لِلشَّيْخَيْنِ هُوَ أَنَّهُمَا عَبَّرَا عَنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ الْقَدِيمِ الْمَفْتُوحِ فَتَوَهَّمَ النَّاسُ مِنْهُ أَنَّهُ الْمُسْتَجَدُّ كَصَاحِبِ الْبَهْجَةِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْإِمَامِ وَصُوَرَهَا فِي الْمُقَابِلِ لِلْأَوَّلِ مَا نَصُّهُ: كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ عَبَّرَ هُوَ وَالرَّافِعِيُّ هُنَا عَنْ الْبَابِ الْقَدِيمِ بِالْبَابِ الْمَفْتُوحِ فَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَفْتُوحِ الْبَابُ الْجَدِيدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَكَانَ الْمَنْعُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ اهـ كَلَامُ الْمُهِمَّاتِ بِلَفْظِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ.

وَهُوَ حَقٌّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ مُوَافِقَةٌ لِلصَّوَابِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ: فِي الْمَنْهَجِ كَفَتْحِ بَابٍ أَبْعَدَ عَنْ رَأْسِهِ، أَوْ أَقْرَبَ مَعَ تَطَرُّقٍ مِنْ الْقَدِيمِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَيَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنِ بَاقِيهمْ مِمَّنْ بَابُهُ أَبْعَدُ مِنْ الْقَدِيمِ فِي الْأَوْلَى وَمِمَّا يُفْتَحُ كَمُقَابِلِهِ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ. فَقَوْلُهُ: مِمَّنْ بَابُهُ أَبْعَدُ مِنْ الْقَدِيمِ فِي الْأُولَى شَامِلٌ لِمَنْ بَابُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَمَنْ بَابُهُ مُقَابِلَ الْجَدِيدِ وَمَنْ بَابُهُ بَعْدَ الْجَدِيدِ إلَى جِهَةِ السُّفْلِ وَيَخْرُجُ مَنْ بَابُهُ مُقَابِلَ الْقَدِيمِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْإِمَامِ الْمُعَبَّرِ عَنْ الْبَابِ فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَفْتُوحِ وَمَنْ بَابُهُ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَرَأْسِ السِّكَّةِ، وَقَوْلُهُ: مِمَّا يُفْتَحُ كَمُقَابِلِهِ فِي الثَّانِيَةِ شَامِلٌ لِمَنْ بَابُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَلِمَنْ بَابُهُ مُقَابِلَ الْقَدِيمِ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَدْرِ السِّكَّةِ كَمَا أَنَّهُ شَامِلٌ لِمُقَابِلِ الْجَدِيدِ. نَعَمْ اسْتَشْكَلَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ حَيْثُ كَتَبَ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: كَمُقَابِلِهِ أَيْ مُقَابِلِ مَا يُفْتَحُ. هَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُقَابِلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَحَرَّرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مُقَابِلِ الْقَدِيمِ فِي الْأُولَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ كَثْرَةَ الزِّحَامِ لَمْ تَنْشَأْ مِنْ الْمَفْتُوحِ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ الْقَدِيمُ فِي الْأُولَى بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَمِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمَا شَمِلَتْهُ وَأَخْرَجْته يُعْلَمُ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُقَابِلٌ لَهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ) التَّعَقُّبُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْحَلَالِ الْمُسْتَفَادِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْمُسَامَحَةِ بِالدُّخُولِ فِيهِ فَتُعْتَبَرُ وَإِنْ مَنَعُوا فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَبَابٌ يُفْتَحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: كَفَتْحِ بَابٍ أَبْعَدَ عَنْ رَأْسِهِ مِنْ بَابِهِ الْقَدِيمِ سَوَاءٌ أَتُطْرَقُ مِنْ الْقَدِيمِ، أَوْ لَا؟ ، أَوْ بَابٌ أَقْرَبُ إلَى رَأْسِهِ مَعَ تَطَرُّقٍ مِنْ الْقَدِيمِ فَيَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنِ بَاقِيهِمْ مِمَّنْ بَابُهُ أَبْعَدُ مِنْ الْقَدِيمِ فِي الْأُولَى وَمِمَّا يُفْتَحُ كَمُقَابِلِهِ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى فَتَحَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ بَابًا أَسْفَلَ مِنْ الْقَدِيمِ فَلِشُرَكَائِهِ مَنْعُهُ وَهُمْ مِنْ بَابِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِمَّنْ بَابُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، أَوْ مُقَابِلٌ لِلْجَدِيدِ، أَوْ أَسْفَلُ مِنْهُ لَا مِنْ بَابِهِ مُقَابِلٌ لِلْقَدِيمِ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَأْسِ السِّكَّةِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ مَعَ سَدِّهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ وَإِنْ صَارَ يَتَطَرَّقُ مِنْهُ كَانَ لِمَنْ بَابُهُ أَسْفَلَ مِنْ الْجَدِيدِ مَنْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، أَوْ مُقَابِلَ الْقَدِيمِ، أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ وَكَذَا لِمَنْ بَابُهُ مُقَابِلَ الْجَدِيدِ قَالَ سم: هَذَا مُحَصِّلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُنَقَّحِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ مَنْ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ اسْتِطْرَاقًا فِي مِلْكِهِمْ فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ مُشْكِلٌ لِجَوَازِ دُخُولِ الْأَجْنَبِيِّ السِّكَّةَ، وَالْمُرُورِ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا فَإِذَا جَازَ

<<  <  ج: ص:  >  >>