الْمُكْتَرِي لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ التَّمِيمِيِّ اعْتِبَارُهُ أَيْضًا إنْ تَضَرَّرَ بِهِ وَيُقَاسُ بِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ. وَلِأَهْلِ السِّكَّةِ سَدُّ بَابِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: قَالَ ابْنُ كَجٍّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا مَسْجِدٌ، أَيْ: أَوْ نَحْوُهُ كَبِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ فَيُمْنَعُونَ لِاسْتِحْقَاقِ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ الطُّرُوقَ إلَيْهِ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِعَ إلَيْهِ مَا يَضُرُّ وَإِنْ رَضِيَ أَهْلُهُ، وَلِابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الرَّفْرَفِ، وَالْعَرِيشِ وَبِقَوْلِهِ " لَا إذْنِ إلَى آخِرِهِ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا فِي كَلَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ زَائِدَةٌ
(وَلَيْسَ يَسْتَأْذِنُ) أَيْ لَيْسَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ السِّكَّةِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ بَقِيَّتَهُمْ (فِي) فَتْحِ (بَابٍ) كَائِنٍ (عَلَى أَدْنَى) أَيْ أَقْرَبَ مِنْ بَابِهِ الْأَوَّلِ (إلَى الرَّأْسِ) أَيْ رَأْسِ السِّكَّةِ (وَ) قَدْ (سَدَّ) الْبَابَ (الْأَوَّلَا) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَتَحَهُ أَبْعَدَ رَأْسِهَا لِوُقُوعِ الْفَتْحِ فِي خَالِصِ مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ أَقْرَبَ إلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يَسُدَّ الْأَوَّلَ لِتَضَرُّرِ بَقِيَّةِ أَهْلِهَا بِزِيَادَةِ الزَّحْمَةِ بِانْضِمَامِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ وَتَحْوِيلِ الْمِيزَابِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ كَفَتْحِ بَابٍ وَسَدِّ آخَرَ (وَفَاتِحٌ) أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْفَتْحَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ (فِي) فَتْحِ بَابٍ فِي (دَارِهِ) الَّتِي بَابُهَا فِي سِكَّةٍ (مِنْ دَارِهِ) الْأُخْرَى الَّتِي بَابُهَا فِي سِكَّةٍ أُخْرَى سَوَاءٌ كَانَتْ السِّكَّتَانِ مَسْدُودَتَيْنِ أَمْ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُصَادِفٌ لِمِلْكِهِ.
وَصَحَّحَ ذَلِكَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: تَبِعَ الرَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ التَّهْذِيبِ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ فَنَقَلُوا عَنْ الْجُمْهُورِ الْمَنْعَ بَلْ نَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُ مِنْ كُلِّ سِكَّةٍ مَمَرًّا إلَى الدَّارِ الَّتِي بِالسِّكَّةِ الْأُخْرَى (وَلَا لِمَنْ) أَيْ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ (لَاصَقَ) السِّكَّةَ الْمُنْسَدَّةَ وَلَا بَابَ لَهُ إلَيْهَا وَأَرَادَ فَتْحَ بَابٍ إلَيْهَا (مَعْ) تَسْمِيرِ (مِسْمَارِهِ) فِيهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ فِي فَتْحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ رَفْعُ جَمِيعِ الْجِدَارِ فَبَعْضُهُ أَوْلَى (، أَوْ) أَرَادَ فَتْحَهُ إلَيْهَا (لِلضِّيَا) ، أَوْ لِغَيْرِهِ بِدُونِ اسْتِطْرَاقٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، قَوْلُهُ:، أَوْ لِلضِّيَا مِنْ زِيَادَتِهِ (، أَوْ) أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ (كَوَّةً) لِلضِّيَاءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، وَالْكَوَّةُ بِفَتْحِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا: الطَّاقَةُ
(فَرْعٌ)
لَهُ فِي دَرْبٍ مُنْسَدٍّ قِطْعَةُ أَرْضٍ فَبَنَاهَا دُورًا وَفَتَحَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَابًا جَازَ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيه (وَانْتَفَعَا) أَيْ وَيَنْتَفِعُ جَوَازًا (شَرِيكُهُ) بِالْمُشْتَرَكِ مِنْ جِدَارٍ وَغَيْرِهِ بِوَضْعِ جِذْعٍ وَغَرْزِ وَتَدٍ وَتَتْرِيبِ كِتَابٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُضَايَقُ فِيهِ عَادَةً (بِالْإِذْنِ)
ــ
[حاشية العبادي]
مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَفْتُوحِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الْجَدِيدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِعَ إلَيْهِ مَا يَضُرُّ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ الْإِشْرَاعِ الَّذِي لَا يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُهَا. وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ حَادِثًا وَإِلَّا فَإِنْ رَضِيَ بِهِ أَهْلُهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ إبْطَالُ حَقِّ الْبَقِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ.
وَكَالْمَسْجِدِ فِيمَا ذُكِرَ مَا سُبِّلَ، أَوْ وُقِفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَبِئْرٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ اهـ فَالْحَاصِلُ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ قَدِيمًا اُشْتُرِطَ لِجَوَازِ الْإِشْرَاعِ أَمْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ عَدَمُ ضَرَرِ الْمَارَّةِ، أَوْ حَادِثًا كَأَنْ وَقَفَ أَحَدُهُمْ دَارِهِ مَسْجِدًا اُشْتُرِطَ لَهُ أَمْرَانِ: عَدَمُ الضَّرَرِ وَرِضَا أَهْلِ السِّكَّةِ وَهَلْ فَتْحُ الْبَابِ كَالْإِشْرَاعِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْوَجْهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَالْكَلَامُ فِي الْفَتْحِ مَجَّانًا أَمَّا بِعِوَضٍ فَقَدْ ذُكِرَ حُكْمُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الرَّوْضَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ مُصَالَحَةُ أَهْلِ السِّكَّةِ بِمَالٍ عَنْ إحْدَاثِ الْبَابِ لَا عَنْ إحْدَاثِ الْجَنَاحِ وَأَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَوْ شَرْطِ التَّأْيِيدِ بَيْعٌ وَعِنْدَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ إجَارَةٌ. قَالَ: وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَوَازَ فِيهِمَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِالسِّكَّةِ مَسْجِدٌ، أَوْ نَحْوُهُ كَدَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إذْ الْبَيْعُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَوْقُوفِ وَحُقُوقِهِ. قَالَ: وَأَمَّا الْإِجَارَةُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَيُتَّجَهُ فِيهَا تَفْصِيلٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ اسْتِخْرَاجُهُ اهـ قِيلَ: وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا يَخُصُّ الْمَوْقُوفَ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِجَارَةِ شَامِلٌ لِلْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ إلَّا أَنَّا قُلْنَا أَوَّلَ الْحَاشِيَةِ: وَكَالْمَسْجِدِ فِيمَا ذُكِرَ مَا سُبِّلَ، أَوْ وُقِفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ، وَكَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمْ يَسُدَّ الْأَوَّلُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْذَانِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِلْأَجْنَبِيِّ فَلِبَعْضِهِمْ، أَوْلَى وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنْ يُشْتَرَطَ مُرُورُ الْأَجْنَبِيِّ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَنْ لَا يَتَّخِذَهُ طَرِيقًا م ر قَالَ سم: وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا؛ لِأَنَّ لَهُمْ مَنْعَ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا لَهُمْ مَنْعُ الشَّرِيكِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ الْمَنْعُ لِلْأَجْنَبِيِّ بِلَا ضَرَرٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: الْمُكْتَرِي) وَيُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُكْرِي أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: سَدُّ بَابِهَا) وَلَا يَفْتَحُهُ بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ. نَعَمْ إنْ سَدَّ بِآلَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَلَهُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِعَ إلَخْ) وَيَجُوزُ لِغَيْرِ أَهْلِ الدَّرْبِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَتْحُ بَابٍ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالشَّارِعِ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِعَ إلَيْهِ مَا يَضُرُّ) قَيَّدَهُ فِي التُّحْفَةِ نَقْلًا عَنْ بَحْثِ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْإِشْرَاعُ تُجَاهَ الْمَسْجِدِ، أَوْ خَارِجَهُ عَنْهُ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ، أَمَّا مَا كَانَ دَاخِلًا عَنْهُ فَلَهُ حُكْمُ الطَّرِيقِ الْخَالِي عَنْ نَحْوِ الْمَسْجِدِ اهـ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ
(قَوْلُهُ: وَسَدَّ الْأَوَّلَا) أَيْ بِأَنْ تَرَكَ التَّطَرُّقَ مِنْهُ. اهـ. سم عَلَى ع (قَوْلُهُ: لَمْ يَسُدَّ الْأَوَّلَ) أَيْ وَلَمْ يَتْرُكْ التَّطَرُّقَ مِنْهُ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: مُنْسَدَّتَيْنِ) أَيْ مَمْلُوكَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَمْ إحْدَاهُمَا أَيْ مَمْلُوكَةٌ، وَالْأُخْرَى شَارِعٌ. اهـ. م ر وع ش، ثُمَّ قَالَ م ر: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْدُودِ الْمَمْلُوكُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ السَّدِّ الْمِلْكُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ فِي أَقْصَاهُ مَسْجِدٌ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: الْمُنْسَدَّةُ) أَيْ الْمَمْلُوكَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِشَارِعٍ (قَوْلُهُ: مَعَ تَسْمِيرِ مِسْمَارِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ بِغَيْرِ الِاسْتِطْرَاقِ كَمَا مَرَّ عَنْ سم وَحَجَرٍ، ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ عَلَى الْأَثَرِ
(قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلُ دَارًا بِبَابٍ وَاحِدٍ مَثَلًا وَإِلَّا وَجَبَتْ إعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ وَيَمْتَنِعُ زِيَادَةُ الْبَابِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.