للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ رَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَكْسَهُ وَلِلرَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ احْتِمَالَانِ وَإِنْ سَلَّمَهَا عَنْ الرَّابِعِ وَعَجَزَ عَنْهَا فِي الْخَامِسِ أَوْ السَّادِسِ (فَفِي الْخَامِسِ) أَوْ السَّادِسِ يَفْسَخُ (أَيٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْقَاضِي أَوْ الزَّوْجَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ لِتَضَرُّرِهَا (وَإِنْ لِثَالِثٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَيَّامِ الْمُهْلَةِ (يُسَلِّمْ) فِيهِ نَفَقَتَهُ لَهَا وَيَعْجَزُ عَنْهَا فِي الرَّابِعِ (تَبْنِي) بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ عَلَى الْيَوْمَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ وَلَا تَسْتَأْنِفُهَا لِتَضَرُّرِهَا وَتَفْسَخُ فِي الْخَامِسِ وَلَوْ عَجَزَ فِي يَوْمٍ وَقَدَرَ فِي الثَّانِي وَعَجَزَ فِي الثَّالِثِ وَقَدَرَ فِي الرَّابِعِ لُفِّقَتْ أَيَّامُ الْعَجْزِ فَإِذَا تَمَّتْ مُدَّةُ الْمُهْلَةِ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا أَيَّامَ الْمُهْلَةِ بَلْ لَهَا الْخُرُوجُ لِتَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى الْمَسْكَنِ لَيْلًا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَهَا مَنْعُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ وَلَا نَفَقَةَ لِزَمَنِ الِامْتِنَاعِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ عَدَمِ الْمَنْعِ مَحَلُّهُ فِي اللَّيْلِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ سِيَاقُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ عَدَمَ وُجُوبِ الْمُلَازَمَةِ وَالتَّمْكِينِ وَلَمْ يَخُصَّ اللَّيْلَ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَيَتَرَجَّحُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ اهـ.

وَلَوْ رَضِيَتْ بِعَجْزِهِ، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ رِضَاهَا اسْتَأْنَفَتْ الْمُدَّةَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَبِرُجُوعٍ عَنْ رِضًى تُثَنِّي) مُدَّةَ الْإِمْهَالِ لِتَعَلُّقِهَا بِطَلَبِهَا فَيَسْقُطُ أَثَرُهَا بِرِضَاهَا (خِلَافَ الْإِيلَاءِ) فَإِنَّهَا إذَا رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِلَا وَطْءٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ لَا تُسْتَأْنَفُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ لِطُولِهَا وَلِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى طَلَبِهَا لِلنَّصِّ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُدَّةِ هُنَا (وَالرِّضَى) بِعَجْزِهِ (لِلْأَبَدِ) بِأَنْ قَالَتْ رَضِيت بِعَجْزِهِ أَبَدًا (لَا يَلْزَمُ الْوَفَا) بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَعْدٍ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْإِيلَاءِ وَكَذَا لَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِعَجْزِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَهْرِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَا يَتَجَدَّدُ.

(وَمِلْكُ السَّيِّدِ مُنْفَقُ مَمْلُوكَتِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْوَاجِبَةُ عَلَى الزَّوْجِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهَا فَإِنَّهَا لَا تَمْلِكُ (وَأُهِّلَا) أَيْ سَيِّدِهَا (لِأَخْذِهِ) أَيْ مُنْفَقِهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْهَا بَعْدَ قَبْضِهَا لَهُ (وَبَيْعِهِ) وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ (إنْ أَبْدَلَا) بِهِ غَيْرَهُ أَيْ أَعْطَاهَا بَدَلَهُ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَكِنْ لَهَا فِيهَا حَقُّ التَّوَثُّقِ كَمَا أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُبْدِلْهُ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَهَا قَبْضُهُ وَتَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَأْذُونَةِ فِي الْقَبْضِ بِحُكْمِ التَّزْوِيجِ وَفِي تَنَاوُلِهِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَإِذَا عَجَزَ زَوْجُهَا وَأَرَادَتْ الْفَسْخَ فَلَا اعْتِرَاضَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا وَإِنْ تَرَكَتْهُ فَلَا فَسْخَ لَهُ كَمَا مَرَّ وَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا بَلْ يَقُولُ.

ــ

[حاشية العبادي]

تَجْلِسُ عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَلْزَمُ جُلُوسُهَا عَلَى الْأَرْضِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْحَارَّةِ عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ كَانَ عَدَمُ الْفَسْخِ هُنَا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: إنَّ لَهَا الْفَسْخَ) اعْتَمَدَهُ م ر وَالْمُرَادُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ شَرْحَ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَكْسَهُ) وَلِجَعْلِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا مُبْطِلَةً لِلْمُهْلَةِ لِتَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِمَالِهَا أَوْ الْكَسْبِ فِي بَيْتِهَا شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهُوَ أَقْرَبُ) الْمُتَّجَهُ الْجَمْعُ بِأَنَّ لَهَا الْمَنْعَ فِي وَقْتِ تَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ دُونَ غَيْرِهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا فِيهِمَا م ر (قَوْلُهُ: فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ) أَيْ لِأَنَّهُ بَنَى الْمَنْعَ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُلَازَمَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ تَجِبُ لَيْلًا هَذَا مُرَادُ الْإِسْنَوِيِّ بِرّ.

(قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ) أَيْ الرِّضَا نَعَمْ تَسْقُطُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ بِنَفَقَةِ يَوْمِهِ وَيُمْهَلُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْ الْمُهْلَةِ ح ج (قَوْلُهُ فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ بَعْدَ الْإِمْهَالِ وَلَا يُعْتَدُّ بِالْإِمْهَالِ الْمَاضِي لِبُطْلَانِهِ بِالرِّضَى كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُسْتَثْنَى يَوْمُ الرِّضَى فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ، مَفْهُومُ قَوْلِهِ يَوْمَ الرِّضَى مَعَ أَنَّ الرِّضَى يُبْطِلُ الْمُهْلَةَ وَيُحْوِجُ إلَى تَجْدِيدِهَا وَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ يَوْمُ الرِّضَى بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي) أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ) أَيْ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ) أَيْ فِي الرَّابِعِ وَهُوَ مَحَلُّ الِاحْتِمَالَيْنِ لِلرَّافِعِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِثَالِثٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى أَنْفَقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ اسْتَأْنَفَتْ وَإِلَّا فَتَبْنِي. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ وُجُوبِ الْمُلَازَمَةِ) أَيْ لِلْمَسْكَنِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَجَزَ زَوْجُهَا) أَيْ عَنْ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَهْرِ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>