(وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ الْحَاكِمُ فِي) شَيْءٍ (مُمَيَّزٍ بِسِمَةٍ) أَيْ عَلَامَةٍ لِلْحَاجَةِ كَمَا يَسْمَعُهَا عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ اعْتِمَادًا عَلَى الصِّفَةِ بِخِلَافِ مَا لَا يَتَمَيَّزُ بِسِمَةٍ لِكَثْرَةِ أَمْثَالِهِ كَالْكِرْبَاسِ فَلَا تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ بَلْ تَرْتَبِطَانِ بِقِيمَتِهِ فَيَدَّعِي كِرْبَاسًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا السَّمَاعُ فِيهِ كَاَلَّذِي يَتَمَيَّزُ بِسِمَةٍ، وَأَنَّ الرُّكْنَ فِي تَعْرِيفِ الْمِثْلِيِّ الْمُبَالَغَةُ فِي ذِكْرِ الصِّفَاتِ، وَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُسْتَحَبٌّ وَفِي الْمُتَقَوِّمِ بِالْعَكْسِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا التَّفْصِيلُ لَا نَرْتَضِيهِ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا مَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ صِفَاتِ السَّلَمِ مُطْلَقًا دُونَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ اتِّحَادَ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فِي الْبَابَيْنِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ مَا هُنَا فِي عَيْنِ غَائِبَةٍ عَنْ الْبَلَدِ وَمَا مَرَّ ثَمَّ فِي عَيْنٍ غَائِبَةٍ بِالْبَلَدِ (وَ) إذَا سَمِعَ الْبَيِّنَةَ فِي ذَلِكَ لَا يَحْكُمُ بِهَا لِلْجَهَالَةِ وَخَطَرِ الِاشْتِبَاهِ بَلْ (يَنْقُلُ) سَمَاعَهَا بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِهِ إلَى حَاكِمِ مَحَلِّ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (لِيَأْخُذَ الْعَيْنَ) وَيَبْعَثَهَا إلَى النَّاقِلِ مَعَ الْمُدَّعِي (بِشَخْصٍ يَكْفُلُ) بَدَنَهُ لَا قِيمَةَ الْعَيْنِ (ثُمَّ لْيُعَيِّنْهُ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ إلَى النَّاقِلِ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَهَا (الشُّهُودُ) بِالشَّهَادَةِ فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهَا سَلَّمَهَا لِلْمُدَّعِي وَكَتَبَ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ إحْضَارِهَا وَرَدُّهَا كَمَا سَيَأْتِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ بَعْثِهَا مَعَ الْمُدَّعِي مَنْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ كَالْأَمَةِ الَّتِي لَا يَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا فَيَبْعَثُهَا مَعَ أَمِينٍ فِي الرُّفْقَةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَخْتِمَ الْعَيْنَ عِنْدَ بَعْثِهَا بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا تُبَدَّلَ بِمَا لَا يَرْتَابُ فِيهِ الشُّهُودُ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةً وَخَتَمَ عَلَيْهَا وَلَوْ أَظْهَرَ الْخَصْمُ ثَمَّةَ أُخْرَى مُشَارَكَتَهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ فَقَدْ صَارَ الْقَضَاءُ مُبْهَمًا وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ النَّاظِمُ ضَمِيرَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُدَّعَى بِهِ (وَلْيَقُلْ) أَيْ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا إذَا غَابَتْ الْعَيْنُ عَنْ الْمَجْلِسِ بِالْبَلَدِ (أَحْضِرْ إلَيَّ مَا هُنَاكَ) أَيْ مَا بِالْبَلَدِ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ لِتُقَامَ الْبَيِّنَةُ بِعَيْنِهِ وَلَا تُسْمَعُ بِصِفَتِهِ كَمَا فِي الْخَصْمِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ بِالْبَلَدِ هَذَا (إنْ سَهُلْ) إحْضَارُهُ فَإِنْ عَسُرَ كَشَيْءٍ ثَقِيلٍ أَوْ مُثَبَّتٍ فِي أَرْضٍ أَوْ جِدَارٍ وَضَرَّ قَلْعُهُ بَعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ يَحْضُرُ بِنَفْسِهِ وَيَسْمَعُهَا بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُ الْمُدَّعِي عِنْدَهُ إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُهُ
ــ
[حاشية العبادي]
يَكُونَ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْغَائِبَ الْمَنْقُولَ إذَا عَسِرَ نَقْلُهُ أَوْ أَوْرَثَ قَلْعُهُ ضَرَرًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. سم
(قَوْلُهُ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا) أَيْ فَالْمُطَالَبَةُ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْعَيْنِ بِخِلَافِ الْآتِي عَنْ الرَّوْضَةِ بِرّ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الرُّكْنَ فِي تَعْرِيفِ الْمِثْلِيِّ الْمُبَالَغَةُ فِي ذِكْرِ الصِّفَاتِ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْمُتَقَوِّمِ بِالْعَكْسِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ وَالْغَائِبَةِ بِالْبَلَدِ، خِلَافًا لِمَا يَأْتِي فِي الرَّدِّ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ كَذَا م ر فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْقُلُ سَمَاعَهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَعْرُوفِ، أَمَّا الْمَعْرُوفُ فَيَحْكُمُ فِيهِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ كَمَا سَلَفَ بِرّ (قَوْلُهُ وَيَبْعَثُهَا) لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَحَلَّ مُؤْنَةِ الْبَعْثِ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمُؤَنُ الْإِحْضَارِ لَا إنْ أَثْبَتَهُ إلَخْ وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ مِمَّا يَعْسُرُ بَعْثُهُ أَوْ يُورِثُ قَلْعُهُ ضَرَرًا كَالشَّيْءِ الثَّقِيلِ وَالْمُثَبَّتِ أَوْ يَتَعَذَّرُ بَعْثُهُ كَالْعَقَارِ الْغَيْرِ الْمَعْرُوفِ وَيَنْبَغِي الْبَعْثُ أَوْ الْحُضُورُ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَمِينٍ) يَنْبَغِي تَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا مَزِيَّةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ اتِّهَامَ الْمُدَّعِي أَشَدُّ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ) أَيْ فِي الْحَالِ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ النَّاظِمُ ضَمِيرَ الْعَيْنِ)
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ إلَخْ) وَفَائِدَةُ هَذَا السَّمَاعِ نَقْلُ الْعَيْنِ الْآتِي، وَأَمَّا الْحُكْمُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ وَفِي الْمُتَقَوِّمِ بِالْعَكْسِ) لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّمْيِيزِ فِيهِ بِدُونِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ م ر فِي بَابِ الدَّعَاوَى وَإِنْ خَالَفَ هُنَا وَاعْتَمَدَ الرَّشِيدِيُّ مَا فِي بَابِ الدَّعَاوَى (قَوْلُهُ لِلْجَهَالَةِ وَخَطَرِ الِاشْتِبَاهِ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُشْتَبَهْ حَكَمَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبَلَدِ أَوْ غَائِبَةً عَنْهَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوِ أَوْ فِيهَا. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاضِي النَّاقِلِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالسَّمَاعِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا غَابَتْ الْعَيْنُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِشُهْرَةٍ أَوْ تَوْصِيفٍ نَافٍ لِأَصْلِ الِاشْتِبَاهِ، لَكِنْ كَتَبَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ صَحَّتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَالْحُكْمُ مَعَ الْغَيْبَةِ وَإِنْ سَهُلَ الْإِحْضَارُ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْعَيْنِ الْغَائِبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُ الْمُدَّعِي عِنْدَهُ) يُفِيدُ أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ عَلَى الْأَوْصَافِ وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهَا تُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ الْأَوْصَافُ إلَى مَعْرِفَةِ الْقَاضِي لَهُ إذْ لَوْ أَدَّتْ إلَيْهَا لَسُمِعَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْأَوْصَافِ أَيْضًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) كَعَشْرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي فِي يَدِ هَذَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute