للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إنْ كَانَ مَا قَالَ الْوَكِيلُ صِدْقَا) أَوْ كَذِبًا وَوَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ وَذَلِكَ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ كَذِبًا وَوَقَعَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ كَيْفَ شَاءَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ، وَأَكْثَرُ مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا، وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ

(وَنَفْيِ عِلْمِهِ) أَيْ يَحْلِفُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَجْزَائِهِ عَلَى الْبَتِّ لِغَيْرِ نَفْيِ فِعْلِ مَنْ سِوَاهُ كَمَا مَرَّ وَعَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ (لِنَفْيِ فِعْلِ مَنْ سِوَاهُ كَالرَّضَاعِ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّ مُنْكِرَهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِهِ، وَيُشْتَرَطُ تَعَرُّضُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ لِعِلْمِ خَصْمِهِ بِالرَّضَاعِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَحْلِفُ فِيهِ الْمُنْكِرُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَيَقُولُ مَثَلًا فِي دَعْوَى غَصْبِ شَيْءٍ: إنَّ مُوَرِّثَك غَصَبَ مِنِّي كَذَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ غَصَبَهُ وَمَا يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي فِيهِ عَلَى الْبَتِّ فَقَدْ ظَلَمَ لَكِنْ يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ نَفْيِ الْعِلْمِ

(وَلْيُبَحْ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ (بِظَنْ) مِنْ الْحَالِفِ حَصَلَ (بِخَطٍّ) لَهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ كَذَا (أَوْ قَرِينَةٍ) أُخْرَى (كَأَنْ نَكَلْ) خَصْمُهُ عَنْ الْحَلِفِ أَوْ أَخْبَرَهُ بِالْحَقِّ عَدْلٌ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا اعْتِمَادُ الْخَطِّ؛ لِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَظِيمٌ، وَصُورَةُ اعْتِمَادِ خَطِّهِ صَرَّحَ بِهَا فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَكَذَا فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا لَكِنْ نَقَلَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ الشَّامِلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَتَذَكَّرَ، قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يُتَصَوَّرُ الظَّنُّ فِي حَقِّهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ بِخِلَافِ خَطِّ أَبِيهِ فَلَا إيرَادَ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ (بِقَصْدٍ وَاعْتِقَادِ قَاضٍ) أَيْ وَالْعِبْرَةُ فِي الْحَلِفِ الْآمِرِ بِهِ الْقَاضِي بِقَصْدِهِ وَاعْتِقَادِهِ لَا بِقَصْدِ الْحَالِفِ وَاعْتِقَادِهِ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَتَضِيعَ الْحُقُوقُ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلَفِ» وَحُمِلَ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِيَشْمَلَ الْإِمَامَ وَالْمُحَكَّمَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ (فَبَطَلْ تَوْرِيَةٌ) بِحَلِفِهِ عَلَى خِلَافِ قَصْدِ الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ مُحِقًّا فِيمَا نَوَاهُ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ لَا بِنِيَّةِ الْقَاضِي فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَسَأَلَ رَدَّهُ وَكَانَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَقَالَ خَصْمُهُ لِلْقَاضِي حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْحَنَفِيِّ عَلَى الشَّافِعِيِّ شُفْعَةَ الْجَوَازِ فَتَأَمَّلْ.

وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْقَاضِي الْخَصْمَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «يَمِينُك مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ» قَالَ أَرَادَ بِهِ الْخَصْمَ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ (وَ) بَطَلَ (وَصْلُ الِاسْتِثْنَا) بِحَلِفِهِ كَأَنْ وَصَلَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (إذَا لَمْ يَسْمَعْ الْقَاضِي) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ قَصْدِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَحِلُّ ذَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى خِلَافِ قَصْدِ الْقَاضِي وَاعْتِقَادِهِ، وَلَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إثْمُ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ فَإِنْ سَمِعَهُ الْقَاضِي عَزَّرَهُ وَأَعَادَ عَلَيْهِ الْحَلِفَ وَإِنْ وَصَلَ بِهِ كَلَامًا لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي مَنَعَهُ وَأَعَادَ الْحَلِفَ، وَلَوْ ادَّعَى حَنَفِيٌّ عَلَى شَافِعِيٍّ شُفْعَةَ جَوَازٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا فَأَنْكَرَ فَلَا يَحْلِفُ عَلَى اعْتِقَادِهِ بَلْ عَلَى اعْتِقَادِ الْقَاضِي وَيَلْزَمُهُ مَا أَلْزَمَهُ كَمَا مَرَّ، وَيُعْتَبَرُ تَحْلِيفُ الْقَاضِي وَطَلَبُ الْخَصْمِ لَهُ فَلَا يُفِيدُ تَحْلِيفُ غَيْرِهِ وَلَا الْحَلِفُ قَبْلَ تَحْلِيفِهِ أَوْ بَعْدَ وَقَبْلَ طَلَبِ الْخَصْمِ لَهُ، وَالْعِبْرَةُ حِينَئِذٍ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ فَتُفِيدُهُ التَّوْرِيَةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَلَهُ أَنْ يُوَرِّيَ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ بِهِمَا كَآحَادِ النَّاسِ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرُهُ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِهِمَا كَالْحَنَفِيِّ لَمْ تَجُزْ التَّوْرِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَّيْتُ الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرْتُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا الَّذِي دَفَعَهُ فِي الشِّرَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ أَوْ كَذِبًا وَوَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ

(قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَهُ بِالْحَقِّ عَدْلٌ) ظَاهِرُهُ عَدْلُ شَهَادَةٍ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِعَدْلِ الرِّوَايَةِ حَيْثُ قَدْ نَشَأَ الظَّنُّ مِنْ خَبَرِهِ بِرّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بِقَصْدٍ وَاعْتِقَادِ قَاضٍ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ بِقَصْدٍ يُفِيدُ أَنَّ التَّوْرِيَةَ غَيْرُ نَافِعَةٍ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَاعْتِقَادٍ يُفِيدُ أَنَّ الْحَنَفِيَّ إذَا حَلَّفَ الشَّافِعِيَّ عَلَى مَا لَا يَرَاهُ الشَّافِعِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْلِفَ مُرَاعِيًا مَا يَعْتَقِدُهُ، بَلْ الْحَلِفُ عَلَى وَفْقِ اعْتِقَادِ الْقَاضِي وَسَيَأْتِي تَعَرُّضُ الشَّارِحِ لِهَذَا الْفَرْعِ غَيْرَ أَنَّك إذَا تَأَمَّلْت صَنِيعَ الشَّارِحِ لَاحَ لَك مِنْهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْقَصْدَ وَالِاعْتِقَادَ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ لِإِفَادَةِ بُطْلَانِ التَّوْرِيَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَأَنَّ فَرْعَ الْحَنَفِيِّ الْمَذْكُورَ شَيْءٌ تَبَرَّعَ بِهِ الشَّارِحُ، وَلَيْسَ مُرَادَ الْمَتْنِ مِنْ لَفْظِ الِاعْتِقَادِ، وَالْوَجْهُ الْمُتَعَيَّنُ فِي حِلِّ الْمَتْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ إلَى مَا قُلْنَاهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ بِنَوْعِ عِنَايَةٍ بُرُلُّسِيٌّ (مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ) يَشْمَلُ الْوَزِيرَ إذَا صَحَّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي إلَخْ) وَكَانَ وَجْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ فَإِذَا سَمَّاهُ وَلَمْ يُمْكِنْ صَرْفُهُ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ. . اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ كَذِبًا) وَوَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ مَالَهُ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ إذَا كَانَ عَدْلًا. اهـ. عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ كَأَنْ نَكَلَ) أَيْ وَحَصَلَ لَهُ مِنْ نُكُولِهِ ذَلِكَ الظَّنُّ إذْ قَدْ يَكُونُ النُّكُولُ تَوَرُّعًا عَنْ الْيَمِينِ. اهـ. عِرَاقِيٌّ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْيَمِينِ مَا يُصَدِّقُهُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّتُهُ بِدُونِ الْقَاضِي فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَصَلَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ وَيَكُونُ رَاجِعًا لِعَقْدِ الْيَمِينِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمَاضِي إذْ لَا يُقَالُ أَتْلَفْت كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>