بَعِيدٌ وَلَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ بَلْ يُؤَخَّرُ ذَلِكَ إلَى كَمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ يَحْلِفُ، وَيَكْتُبُ الْقَاضِي مَحْضَرًا بِمَا جَرَى، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِعْلُهُ تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ أَمَّا مَا كَانَ مِنْ إنْشَائِهِ كَأَنْ ادَّعَى بِثَمَنِ مَا بَاشَرَ بَيْعَهُ لِلطِّفْلِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ الْمَنْعَ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الصَّدَاقِ فِي بَابِهِ، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْوَصِيِّ وَالْمُقِيمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَالْوَكِيلِ، وَقَيِّمِ السَّفِيهِ إذَا ادَّعَى لَهُ وَنَكَلَ خَصْمُهُ يَحْلِفُ السَّفِيهُ يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَالِ وَلَا يَقُولُ إلَيَّ، وَالْقَيِّمُ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى يَلْزَمُكَ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ
(وَبِالْتِمَاسِهِ ثَلَاثًا أُنْظِرَا) أَيْ وَأُمْهِلَ الْمُدَّعِي بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ فِي يَمِينِ الرَّدِّ لِعُذْرٍ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالنَّظَرِ فِي الْحِسَابِ، وَسُؤَالُ الْفُقَهَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَيُفَارِقُ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْبَيِّنَةِ أَبَدًا بِأَنَّهَا قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا لَمْ يُمْهَلْ بَلْ يَصِيرُ نَاكِلًا وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقَّ الْحَلِفِ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّهُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ، وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي لَا يُثْبِتُ حَقًّا لِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ السُّؤَالُ وَهَلْ هَذَا الْإِنْظَارُ وَاجِبٌ أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَإِذَا أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثًا وَأَحْضَرَ شَاهِدًا بَعْدَهَا وَطَلَبَ الْإِنْظَارَ لِيَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الثَّانِي أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى (لَا خَصْمُهُ) وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ لَا يُمْهَلُ بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ فِي يَمِينِهِ بِغَيْرِ رِضَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ، نَعَمْ إنْ اُسْتُمْهِلَ فِي ابْتِدَاءِ الْجَوَابِ لِيَنْظُرَ فِي حِسَابِهِ أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي (فَمُنْظَرٌ إنْ أَخَّرَا) أَيْ فَإِنْ أَخَّرَ مَنْ أُمْهِلَ وَهُوَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ الْمَرْدُودَةَ (أَوْ) يَمِينَهُ (مَعَ) إقَامَةِ (شَهِيدٍ) أَيْ شَاهِدٍ (وَاحِدٍ) عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (فَلَا قَسَمْ) أَيْ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ لِبُطْلَانِ حَقِّهِ مِنْ الْيَمِينِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَتَرْجِيحُ الْبَغَوِيّ بِمَضْمُونِ ذَلِكَ سم (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَلِيِّ فِي قَوْلِهِ: بَلْ يُؤَخَّرُ ذَلِكَ إلَى كَمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إلَخْ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الرَّوْضِ: فَصْلٌ قَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ إلَى أَنْ قَالَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: وَكَمُتَّهَمٍ بِمَالِ مَيِّتٍ وَارِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ حُبِسَ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَكَذَا قَيِّمُ وَقْفٍ وَمَسْجِدٍ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ كَالْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ اهـ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ إلَى مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي الْوَلِيِّ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَكَوَصِيِّ مَيِّتٍ ادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَنَكَلَ أَيْ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ اهـ. فَقَوْلُهُ هُنَا وَالْخِلَافُ جَارٍ إلَخْ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قُبَيْلَ ذَلِكَ دُونَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ كَمَا رَأَيْت
(قَوْلُهُ كَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ إلَخْ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَيُفَارِقُ إلَخْ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُمْهِلَ فِي الِابْتِدَاءِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ أَبَدًا أَوْ بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ، وَلَوْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا فَقَطْ فَإِنْ أُخِّرَ عَنْهَا بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى مَا سَيَأْتِي إلَّا مِنْ الْبَيِّنَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ لِلْمُدَّعِي إمْهَالَهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمَجْلِسِ بِخِلَافِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ لَكِنْ جَوَّزَ لَهُ الْإِمْهَالَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ، وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِهِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ لَا إلَى أَكْثَرَ إلَّا بِرِضَاهُ م ر (قَوْلُهُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ثَلَاثًا اُنْظُرْ (قَوْلُهُ فَلَا قَسَمَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ نَفْيَ الْحَلِفِ هُنَا وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ إلَّا الْبَيِّنَةُ وَحِكَايَةُ خِلَافِ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ فِي مَسْأَلَةِ نُكُولِ الْمُدَّعِي الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ أَمَّا نُكُولُ مُدَّعِيهِ إلَخْ أَمَّا هَذِهِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا فِيهَا جَوَازُ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُمَا قَالَا فِيهَا: وَلَوْ عَلَّلَ الْمُدَّعِي امْتِنَاعَهُ بِعُذْرٍ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مُدَّةٍ لِيَحْلِفَ مُكِّنَ مِنْهُ اهـ. وَتَبِعَهُمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَكِنْ الَّذِي فِي الْإِرْشَادِ كَمَا فِي الْمَتْنِ وَاعْتَرَضَ الْجَوْجَرِيُّ مَا قُلْنَاهُ وَأَطَالَ فِيهِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَحَمْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَيْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مُدَّةٍ عَلَى مَا لَوْ عَادَ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ خِلَافُ الظَّاهِرِ مَعَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ خُلُوٍّ الرَّوْضَةُ وَأَصْلُهَا عَنْ حُكْمِ مَا لَوْ أُخِّرَ عَنْ الثَّلَاثِ فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى.
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ حَمْلَهَا عَلَى مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ) أَيْ، وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فِي الْأُولَى، وَهِيَ تَأْخِيرُ يَمِينِهِ الْمَرْدُودَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ تَأْخِيرُهَا
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا هُنَا حَلِفُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ وَمَا هُنَاكَ حَلِفُهُ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ رَوْضِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ حَلِفَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا يَحْلِفُ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ. اهـ. م ر بج
(قَوْلُهُ بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ فِي يَمِينِهِ) أَمَّا إذَا طَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِقَامَةِ حُجَّةٍ بِنَحْوِ أَدَاءِ أَوْ إبْرَاءِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى ج (قَوْلُهُ إنْ أُخِّرَ) أَيْ لَمْ يَحْلِفْ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْبَيِّنَةَ) ، وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ بِخِلَافِ النُّكُولِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute